الوضوح

شاركها

عبد الصمد الشنتوف: لقاء النوستالجيا

لقاء النوستالجيا،

 

 

بقلم: عبد الصمد الشنتوف

 

بعد فراق أزيد من خمس وثلاثين سنة يتجدد اللقاء بالأستاذ العربي مطرب، لكن هذه المرة بطنجة وليس بالعرائش.

حينما اجتاحت مدينتنا حمى الهجرة في موجتها الثانية نحو بلاد الإنجليز خلال منتصف الثمانينيات، كان العربي أستاذا ببلدتي باب برد ثم زومي. ومع ذلك لم يسلم من رياح الهجرة العاصفة التي طالته رغم بعد المسافة، وكأن عدوى الهجرة إلى بريطانيا تلاحق كل عرائشي مهما استعصم بالجبل وتوارى عن الأنظار .

 

فما كان منه إلا أن أخذ العزم على نفسه، مقررا التخلي عن وظيفته في قطاع التعليم، ومغادرة وطنه طواعية الى عاصمة الضباب، حتى يلتحق برفاق دربه وأصدقائه الذين سبقوه إلى هناك.

 

تجدر الإشارة إلى أن مطرب ابن زنقة بيروت قرب “الكروبو” التي جادت على المدينة برياضيين وفنانين أمثال با عبد الله، وهبي، فريقش، عثمان، منصور وآخرين، كما أنه كان شابا ناشطا متعدد المواهب، إذ لعب أولا في صفوف فريق الانبعاث رفقة عملاق كرة الطائرة العرائشية حسن بلوق وسعيد نابلسي قبل أن يشد الرحال إلى ملعب الميناء ليبدأ مشوارا جديدا في كرة السلة ضمن فريق نجم العرائش العتيد. هناك سيتعرف على اللاعب الساحر عبد الصمد البريق واللاعب السريع شفيق بوصوف ورفاقهما. ما لبث أن لفت أنظار رئيس الفريق أنذاك عبد الرحمان الأصيلي الذي ولاه اهتماما ورعاية خاصة.

 

وليس غريبا على العربي أن تطبع شخصيته حب المغامرة والتطلع إلى أفق جديد نظرا لطموحه الجامح، أضف إلى ذلك أنه ابن المقاوم المعروف والعازف على آلة العود عبد النبي مطرب.

 

بعد ستة أشهر من إقامته معنا في لندن، سيتناهى إلى مسامعنا أن صديقنا العربي هاجر إلى نيوزلاندا ليستقر هناك في الجانب الآخر والقصي من كوكب الأرض، وينجب لاحقا ليلى وعمر.

 

ومنذ ذلك الحين لم نلتق أبدا. دار الزمن دورته ونالت التضاريس من أجسادنا. هرمنا، حيث لم نعد نملك سوى الذاكرة. تقلبت الأحداث وجرت مياه كثيرة تحت الجسر، إلى أن وطأت قدماه البارحة صحبة ابنه مطعم وليد بطنجة مصادفة، بعد غياب طويل يشبه الدهر.

في الصورة من اليمين: عبد الصمد الشنتوف، العربي مطرب، ابنه عمر والصديق العزيز شفيق بوصوف.

 

طنجة/ 15 يونيو 2023