“بوتين Poutine” الأَبُ، يُـؤَدِّبُ “زيلينسكي Zelensky” الإِبْـنُ العَـاقُّ
عبد الإله شفيشو / المغرب
بعد مرور شهور من الحرب الروسية الأوكرانية وبعد حسم معركة (باخموت) والسيطرة على المدينة الاستراتيجية يمكن سنلاحظ انحسار زخم تلك الحرب مع تراجع في الخطاب السياسي الروسي الذي تدرج من مجرد حماية جمهوريتي الدونباس شرق البلد والدفاع عن مكانة اللغة الروسية إلى استئصال النازيين والقوميين المتطرفين والنأي بأوكرانيا عن الناتو وصولا إلى تصحيح ما اعتبر بالخطأ التاريخي المتمثل بتشكيل دولة أوكرانيا إن باستعادتها إلى الوطن الأم روسيا على غرار ما حصل في الشيشان (1999) أو بإعادتها إلى بيت الطاعة في حضن الأب ورعايته على غرار بيلاروسيا وكازاخستان، وهكذا بتنا اليوم إزاء خطاب يركز على أن ما يجري مجرد عملية عسكرية لتأديب الإبن العاق أما على الصعيد السياسي فثمة حديث روسي عن دعوة إلى مفاوضات يتهرب منها الطرف الأوكراني جراء خضوعه أو انصياعه لإرادة الأطراف الأوروبيين والولايات المتحدة.
إن لاعبي السياسة والاستخباراتية الدولية هم الذين أغروا “صدام حسين” لدخول الكويت ثم هم من دمروا بلاده تحت مسمى حيازة العراق لسلاح نووي وغيرها من التهم حتى شنق ودمرت بلاده واحتلت وهو مخطط غربي بامتياز ولم يكن الرئيس العراقي يفطن لهذا المخطط، واليوم يتكرر السيناريو نفسه بإغراء الرئيس/الممثل الأوكراني “زيلينسكي” بوعود وكلام يحمل في طياته الحياة الحلوة وباطنها عذاب لشعبه وبدأ الاستعماريون الغربيون المتخاذلون يلمحون لهذا الممثل المخدوع أنهم سيقدمون المساعدات الإنسانية وسيفرضون عقوباتهم على ذاك الأسد الرابض في الكرملين وحالهم في هذا حال ثعلب يتوعد أسدًا وما أغباهم وما أغبى من اتبعهم فها هو الآن الرئيس الأوكراني كحال ولد عاق خرج عن طاعة أبيه بعد أن غض النظر عنه أباه لعل وعسى أن يصلح من تصرفاته ولا يجلب الأعداء إلى بيت أبيه لكنه تمادى فما كان من الأب إلا اللجوء إلى العصا لمن عصا.
تشابه كبير ما بين حالة روسيا الأم وأوكرانيا الإبن العاق وبين الحالة التي حدثت مع العراق والكويت فقد بدأت أوكرانيا العبث مع روسيا وحاولت حكومة كييف ان تتشاطر وتلتحق بحلف الناتو علّها تحقق امتيازات دفاعية أكبر ضد روسيا الأم جاءها رد الدب الروسي فورا وبلا تردد ،وقد نال خطاب “بوتين” اعجاب كل من فهم وعرف سياسة أمريكا المختالة التي تميزت بالأكاذيب والتضليل والتحايل على مجلس الأمن الدولي للحصول على ذرائع لضرب الدول الضعيفة في الشرق الأوسط واحتلالها وامتصاص خيراتها كما فعلت ولازالت تفعل بالعراق، لقد كان خطاب الرئيس “بوتين” الذي وصف فيه أمريكا بدولة الأكاذيب في منتهى الاقناع لأمته التي وافقته على ضرب أوكرانيا التي ضللها وأغواها الناتو واستخدمها قداحة لإشعال فتيل حرب لا شك ولا ريب سيكون الرابح فيها خسران وقعت في الفخ وتنصل وهكذا كان جواب الولايات المتحدة من البيت الأبيض( ليس من مصلحتنا أن نخوض حرباً مع روسيا وبالتالي لن نرسل قواتنا لأوكرانيا).
نتفق أو نختلف مع “بوتين” كما نشاء لكن التقييم الموضوعي يتعامل مع وقائع لا أشخاص والواقع والوقائع تقول إن الرجل لا يلعب ولا يتردد إذا أقدم واستراتيجي حتى الثمالة إذا أخذ قرارا ومضى فما بالك بقرار يهز أركان بلاده إذا تركه ولو تشتعل كل القارات، إن فزاعة أو جزرة الناتو والتسليح والعسكرة منذ 2014 لأوكرانيا وتعريضها لنقمة روسيا التي ما كانت لتنتظر حتى يداهمها أعظم حلف عسكري في التاريخ ويطرق بابها بل يحطم أبوابها ويمعن في إذلال الذات الروسية التي لم تبرأ من تبعات وقسوة انهيار الإتحاد السوفييتي، إن بوتين آخر البلاشفة وعقيدته القوة لن يبالي بأي قوة مهما كانت إذا ما تم تهديده وجعل السكين في خاصرته فإنه لن يرحم أوكرانيا التي تم العبث بها من الدول الغربية وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا الذي قال رئيس وزرائها إنه سوف يصلي من أجل أوكرانيا عندما قرعت طبول الحرب عليها، فلن يتوقف “بوتين Poutine” الأَبُ حتى يُـؤَدِّبُ “زيلينسكي Zelensky” هذا الإِبْـنُ العَـاقُّ.