حبذا لو أعرف نفسي
من ديوان تأملات تحت وقع المطر.
ياسين الرحموني/المغرب
حبذا لو أعرف نفسي
حبذا أين هي نفسي.
ربما لأنني أحتاج
إلى أن ألمس المجهول،
أن أتأبط الهواء
لأحوله من خواء
إلى مراسم نشيد وطني..
قبلما أخلع نفسي
وألبس نفسي
في لباس أغير فيه نفسي..
لأكون عند حسن ظن،
الشجرة الضاحكة.
ربما أحتاج مصباحا
لأسير في الفلاة
كي أعرف من تكون هذه الحياة..
الملثمة القسمات،
عندما تبلى روائم السحنات.
ربما أحتاج أن اغمض روحي
في قلب روحي…
ليتني أمضي لحاجتي.
حتى أعثر على طريق
أَحل به مشكلتي..
لأتخلف عن ورائي
إلى أمامي..
أدفن مخلفات
حياتي البائدة
في غياهب لا تطأها شمس
ولا يسمع فيها همس.
ممكن أن نموت في أية لحظة
او لا نموت أبدا؟
قبل مجيء اللحظة..
حتى نعيش جنب خيالنا
كل غلطة…
نزور فيها جذبات من وجوم
ونستقبل امواتا
على قارعة السهوم،
لنتلقى تعازيهم
حينما تحلق الطيور.
هكذا هو الوقت قصير
منثور، جنب الممرات الوعرة..
والزمان طويل
يستدير على عجلته..
لا يجامل أحدا
ولا يمدح مسافرا إلى
روضة الخريف،
لأنه لن يرافق صديقا ابدا..
فقط لن يرفق بخيول تجري،
كيف تجري..
وقد جرى.. أنه زعيمٌ امدا؟
حبذا لو أعرف نفسي
لأصطحبها معي
تترقب شروق رقائق الشمس
عند مضارب بني عروس..
حيث أعراس ميس وزيتون
تتغازل مع زخارف وعريش..
سألت قراءات مرتلة
عن تأملات بعيدة تمشي..
فأجابني سكون مطبق
أن بعد السيل الأنيق،
توجد بسمات مخضّرة
ليس بيدها شيء
من حل الأزمات المباركة
غير حكي روايات..
عن أساطير تتمشى
جنب الوديان الغارقة.
حبذا لو أعرف نفسي
إلى أين تسير نفسي..
متى أعبر لقرية نائية
أرتاح فيها قرونا؟
متى أقف على نواصي السحاب
أتملى زرقة البحر عقودا؟
متى استجير من صخب الصمت الطويل…
لأشكو حيرتي لعروس البحر.
حسنا لو عرفت نفسي
لوشيت بها..
إلى امرأة عاقلة تحبني
حتى لا تحبني..
بوعي، ليس من وعيها..
إذا لنتظرت قدوم الصباح
وذكرتها باتفاقنا السابق،
ساعة الغروب
لكي نحتفل سويا
مع الكلمات الغائبة..
أمام ربوع الحاضرة
لنوصلها إلى رحيق الخيال
ونسكنها ألحانا..
تتجلى أقحوانا.
حسنا.. لقد اتينا
لا ندري لأي طريق أتينا؟
هل نُشعل أضواء ليلة مظلمة..
أم نخوض أطواء مسالك مقفرة..؟
لنستقبل أحاسيسنا الجياشة،
بالأحضان…
على جسر تحطم فوق لهيب القبلات.
قد يأتي عند نهاية الطريق
رفيق، ظريف يسألني
أين يبتدئ الطريق؟
فأجيبه.. بما يفيد،
ليس هناك غير البريق
الذي فاض نارا وحريق..
فقد مررنا بضيعات النسيان
منذ أن خِلقنا..
قبل مليون وألف سنة
لا نعرف شيئا عن أنفسنا.