الوضوح

شاركها

حسين قاسم: جرعة الصواريخ .. ليس لدى إيران ما تخسره في لبنان وفلسطين

جرعة الصواريخ .. ليس لدى إيران ما تخسره في لبنان وفلسطين

 

حسين قاسم/لبنان

 

هل تكفي جرعة الصواريخ التي قدمتها قوى الممانعة لنتنياهو والنظام الإيراني، أم ما زالا بحاجة لجرعة ثانية؟
في مقال سابق  نُشِر تحت عنوان “إسرائيل تتلوى في نفق الانقلاب القضائي”، تناولنا موضوع التعديلات القضائية التي طرحتها حكومة نتنياهو المنبثقة عن الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة. هذه التعديلات المطروحة جاءت على خلفية نهج لقوى إسرائيلية متطرفة قومية، عنصرية، شعبوية، متزمتة قومياً ودينياً، أفرزتها تلك الانتخابات، تهدف ليس فقط حماية الطبقة الفاسدة في إسرائيل وعلى رأسها نتنياهو، بل أيضاً لتغيير كيفية التعامل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ومع مسألة الاستيطان ومع عرب الـ 48، من خلال منح صلاحيات أكبر للقوى الأمنية وصولاً لإنشاء حرس وطني كميليشيا فوق القانون يحمي النهج العنصري الجديد، وهذا يتطلب تقليص دور المحكمة العليا، او فيما اصطلح على تسميتها في اسرائيل الاصلاحات القضائية.

 

هذه الطروحات واجهت مقاومة شديدة من طبقات وأحزاب متنوعة في المجتمع الإسرائيلي وصولاً إلى شرخ عميق في بنيته، حتى أن بعض قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية امتنعت عن الخدمة وتمردت. هذا الأمر أدى إلى توترات كبيرة وعميقة بين مختلف شرائح المجتمع، علماً أن هذه المسألة تعود جذورها إلى الجدل القديم في إسرائيل حول يهودية الدولة وما زالت حتى الآن ووصلت إلى ذروتها في الاحتجاجات الأخيرة، هذه الأحداث دفعت نتنياهو إلى التراجع جزئياً وأظهرت ضعف موقفه وموقعه.

 

بيد ان الوضع الراهن يشير إلى أن الضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها نتنياهو والنظام الإيراني قد لا تكون كافية لإجبارهما على إعادة التفكير في سياساتهما وتصحيح مسارهما. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد إمكانية أن يكون هناك حاجة لجرعة ثانية من الضغوط والتحديات قبل أن يتم التوصل إلى حلول مستدامة.

 

من هذا المنظار علينا أن نرى تطور الأحداث الأخيرة في إسرائيل والمنطقة المحيطة بها، بنفس الوقت أراد نتنياهو العائد إلى الحكم أن يحافظ على الامتيازات الإسرائيلية القديمة في سوريا، التي حصل عليها بفعل تفاهمه مع النظام الروسي، التي تنص على استباحة الأجواء السورية وقصف أي موقع يعتقد أنه يشكل خطرًا عليها، لا سيما قصف طرق إمداد الميليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان.

 

إلا أن الضربات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل على بعض المناطق في سوريا كانت موجعة خاصة للجانب الإيراني، حيث أفادت بعض المصادر المتابعة أن إيران تفكر جدياً بالرد، فكان التصويب مباشرة على الساحة المستباحة، أي لبنان، وعلى القضية الشماعة أي القضية الفلسطينية، وبطبيعة الحال فإن الأدوات جاهزة في الساحتين اللبنانية والفلسطينية. يضاف لتلك الحالة، التناغم بين المحتاجين، نتنياهو المأزوم والمحتاج لخطر خارجي لاستعطاف الداخل الإسرائيلي الغاضب، والإيراني، الذي وجد في قضية اعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى المسألة الجاذبة لعطف المسلمين في شهر رمضان وفي رمزية القدس ومسجدها كعنوان للرد على الغارات الإسرائيلية المتكررة على مواقعه وعلى طرق امداد ميليشياته.

 

فكانت صواريخ لبنان وطريقة إرسالها، تلميحًا إلى أنها ليست من عمل أتباع إيران الذين يملكون تقنية عالية فيما لو أرادوا هم فعلها مباشرةً، علمًا أن القاصي والداني يدرك أن الفراشة لا يمكنها التحليق في الجنوب اللبناني دون معرفة قوى الأمر الواقع هناك. لكن التطورات التي رافقت مسرحية السادس من نيسان أشارت إلى أن الجانبين الإسرائيلي والإيراني حافظا على لحنٍ واحد وإيقاع واحد، فالذئب لم يمت، ولم يفن الغنم.

 

علما ان الارتباك الذي ظهر جلياً بتصرفات قوى الممانعة قد يشي بتناقضات بين اجنحة اتباع ايران وخوف البعض منهم من ارتدادات التفاهم السعودي الايراني عليهم وعلى مصالحهم وامتيازاتهم والنفوذ.

 

ثمة بعض الأوساط المطلعة تفيد أن الرد الإسرائيلي غير كافٍ ولن يؤدي الغرض المطلوب داخليًا، وفي لبنان كانت اللعبة مكشوفة تمامًا وكأن الحزب خسر معادلة الردع التي يقتات من معجنها منذ حرب تموز من العام 2006. بمعنى آخر، قد يكون مأزق الطرفين تعمق أكثر. يبدو أن ما آلت إليه أوضاع الساحات كلها لم تعد تحمل مغامرات الممانعة، فالإهتراء بلغ أشده في لبنان وأكثر منه في فلسطين، وليس بعيدًا عنهما الوضع الداخلي في إيران التي تعصف فيه انتفاضة شعبية تترك تأثيرها على النظام برمته، إضافةً إلى الملف النووي الإيراني الذي عاد البحث به مع المجتمع الدولي، وكذلك بدء …