الوضوح

شاركها

عجز تجاري قياسي في تونس.. قيس يدفع البلاد نحو المجهول

زايوبريس/وكالات

تشهد تونس تفاقما مقلقا في عجز ميزانها التجاري، في ظل استمرار النهج الاقتصادي الذي تنتهجه حكومة الرئيس قيس سعيد، والذي يثير انتقادات واسعة من قبل الخبراء والمراقبين بسبب غياب رؤية اقتصادية شاملة وفعالة، فقد كشف المعهد التونسي للإحصاء، في بيانات صدرت أمس الخميس، عن اتساع عجز الميزان التجاري خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 بنسبة 30.5% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2024، ليصل إلى حوالي 8.367 مليار دينار، مقابل 6.409 مليار دينار في السنة الماضية.

ويرجع هذا العجز بشكل أساسي إلى تفاقم الفجوة في ميزان الطاقة، الذي سجل لوحده عجزًا بلغ 4.332 مليار دينار، إلى جانب العجز المسجل في المواد الأولية ونصف المصنعة (2.895 مليار دينار)، ومواد التجهيز (1.382 مليار دينار)، والمواد الاستهلاكية (500 مليون دينار). ووسط هذا التراجع العام، وحدها المواد الغذائية سجلت فائضًا بقيمة 744 مليون دينار.

كما شهدت نسبة تغطية الواردات بالصادرات تراجعًا واضحًا، حيث لم تتجاوز 76.2% خلال الفترة نفسها، مقابل 80.7% العام الماضي، ما يعكس هشاشة البنية الإنتاجية التونسية وارتفاع التبعية للأسواق الخارجية، لا سيما في غياب سياسة إنتاجية فعالة.

أما على صعيد الصادرات، فقد بلغت قيمتها الإجمالية 26.831 مليار دينار، بزيادة خجولة لا تتجاوز 0.3% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. ورغم أن دول الاتحاد الأوروبي استحوذت على أكثر من 70% من الصادرات التونسية، فإن بعض الأسواق الرئيسية مثل إيطاليا وإسبانيا سجلت تراجعًا ملحوظًا في استقبال المنتجات التونسية، بنسبة 6.5% و30.8% على التوالي.

في المقابل، ارتفعت فاتورة الواردات إلى 35.198 مليار دينار، بنسبة زيادة بلغت 6.1%، مع تسجيل ارتفاع في واردات مواد التجهيز والمواد الأولية والسلع الاستهلاكية، في حين تراجعت واردات الطاقة والمواد الغذائية.

ويحمّل مراقبون السياسات الاقتصادية الراهنة، التي يصفها البعض بـ”المرتبكة والمنعزلة”، مسؤولية هذا التدهور المتواصل. فغياب خطة إصلاح واضحة، وتدهور مناخ الاستثمار، والتوترات الاجتماعية، كلها عوامل تُفاقم من هشاشة الاقتصاد التونسي، وتزيد من الضغوط على ميزان المدفوعات، وسط وضع داخلي متأزم وإصلاحات مؤجلة.

وفي ظل هذا الواقع، تبدو تونس في أمس الحاجة إلى مراجعة شاملة لخياراتها الاقتصادية، قائمة على دعم الإنتاج المحلي، وتنويع الشراكات التجارية، وتعزيز الثقة في المؤسسات، قبل أن تتفاقم الأزمة وتصبح كلفة الإصلاح أثقل بكثير مما هي عليه اليوم.