زايوبريس

شاركها

بعد مغادرة رونو وفيات .. الجزائر تستنجد بسلطنة عمان لتصنيع السيارات!

ترى الجزائر في شراكتها الصناعية مع سلطنة عمان فرصة لانتشال قطاع تصنيع السيارات من النكسة التي مُني بها إثر تراجع استثمارات كبرى مثل “رونو” في وهران و”فيات” الإيطالية، اللتين انسحبتا تباعاً على خلفية صعوبات مناخ الأعمال وتقلبات السياسات الاقتصادية المحلية. ففي الوقت الذي تراكمت فيه مطالب بتوفير بيئة استثمارية أكثر استقراراً وجاذبية عبر تيسير الإجراءات وتبسيط الشروط الجمركية والضريبية، تبدو شراكة الجزائر مع “هيونداي” عبر شركة SARL Hyundai Motors Manufacturing Algeria، المدعومة بتوجيهات رئاسة الجمهورية ورغبة عمانية في توسيع صادراتها الصناعية، بمثابة بارقة أمل تقودها إرادة سياسية وتجربة خليجية في جذب الاستثمارات الأجنبية.

وقد منح المرسوم التنفيذي رقم 22-384 علامة “هيونداي” الاعتماد الأولي لمزاولة نشاط تصنيع المركبات داخل الجزائر، ما يمهد الطريق لإنشاء مصنع يُفترض أن يعالج العوائق اللوجستية عبر الاستفادة من موقع البلاد المتوسط على محور أوروبا–أفريقيا، ويُسهم في خلق سلاسل قيمة وطنية تمتد من القطع إلى التجميع والتوزيع، ويعلق المسؤولون الجزائريون آمالاً كبيرة على هذا المشروع ليس فقط لكونه سيوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بل كذلك لتطوير مهارات تقنية محلية وانتقال المعرفة الصناعية من الخبرات الكورية والعمانية إلى الأيدي العاملة الجزائرية.

غير أن نجاح هذه المبادرة يتوقف على قدرة الجزائر على إصلاح بيئة الأعمال بشكل جذري، عبر الاستقرار على معايير واضحة للاستثمار وصياغة حوافز طويلة الأمد للمستثمرين، بما في ذلك رفع سقف تغطية المحتوى المحلي وتمكين المصنع من استيراد تقنيات وقطع غيار دون عراقيل بيروقراطية. فالتجربة المريرة التي عاشتها رونو وفيات لم تكن محض صدفة، بل نتاج تراكم شكايات من تكاليف غير تنافسية وتعقيد في المساطر الجمركية والمالية وافتقار إلى بنية تحتية مواكبة في بعض المناطق.

في هذا السياق، يمثل التوجه نحو شراكة متعددة الأطراف مع سلطنة عُمان، التي نجحت في إنشاء مناطق صناعية متخصصة وجذبت مصنعي سيارات عالميين، نموذجاً يُحتذى به. ويأمل المراقبون أن يُسهم الدعم السياسي والمالي العُماني في تجاوز العراقيل التقليدية، وأن تتحول الجزائر من سوق استهلاكي إلى منصة تصنيع تصدر نحو القارة الأفريقية وأسواق البحر الأبيض المتوسط. وفي حال نجحت هذه المحطة، فقد تستعيد الجزائر بريقها الصناعي في قطاع السيارات، وتثبت مجدداً أنها قادرة على استقطاب الاستثمارات الكبرى إن أحسنّت إدارة شراكاتها الاستراتيجية.