الوضوح

شاركها

ليشهد التاريخ على أنه تم انتزاع ألارض الجماعية للمواطنين في قرية الريحيين ثم أنتزعت مني أرضي فيها ظلما وانتقاما سياسيا !

ليشهد التاريخ على أنه تم  انتزاع ألارض الجماعية  للمواطنين في قرية الريحيين ثم أنتزعت مني أرضي فيها ظلما وانتقاما سياسيا !

  بقلم : عبدالنبي التليدي
فقد كنت ممن وثقوا بالخطب الرسمية للدولة اثناء الثمانينات من القرن الماضي  من اجل مغرب جديد يقوم على الديموقراطية وعلى قيم دولة الحق والقانون بعد القطع مع سنوات الرصاص والقمع بكل أشكاله التي أضاعت على المغرب فرصا ثمينة سياسية واقتصادية وغيرهما في شتى الميادين لو استغلها لكان اليوم في مصاف الدول الكبرى والمتقدمة جدا في مؤشر التنمية  ، وضاع اثناءها  رجال من خيرة الرجال في العلم والعمل والوطنية الصادقة لانهم صدقوا ما عاهدوا الله والشعب عليه وما بدلوا تبديلا يستعيد التاريخ اسماءهم بكثير من الألم والحسرة..
ولذلك كنت ممن عملوا وانا في ريعان الشباب  بكل اخلاص وحسن نية على التجاوب مع تلك الخطب الرسمية للدولة وخاصة تلك التي كان يلقيها الملك الراحل الحسن الثاني على الشعب  ويتلقاها بتفاؤل كبير وبالشكر الجزيل لله على أن من علينا بهذه المرحلة السياسية التي فتحت ، حسبما اعتقد ، افاقا جديدة لبناء مغرب اخر مثل ذلك الذي كنا نحلم به بعيد ” الاستقلال ” .
لهذا سارعت الاغلبية من الشعب وفي مقدمتها الاحزاب التقدمية والوطنية وعلى راسها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وامينه العام المرحوم عبدالرحيم بوعبيد إلى التهليل  والتجاوب مع الظهير الذي اصدره هذا الملك الذي عرف بظهير 30 سبتمبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي الذي أوكل للمجالس  الجماعية إختصاصات اعتبرت نوعية وتاريخية لأنها صارت تفصل في قضايا الجماعات وتتخذ لهذه الغاية التدابير اللازمة لتضمن لها كامل نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي حسب الفصل 30 منه .
فهل تحققت تلك الغاية على أرض واقع جماعة الساحل باقليم العرائش التي انتمي اليها و ترعررت فيها وكنت ممن شهد على هذه الحقبة من التاريخ فيها بايجابياتها  وبسلبياتها بل كنت ممن أدى ضريبة غالية فيها  من زهرة شبابه ومن جهده وصحته    جراء ثقتي في “السياسة من دون اخلاق” عكس ما كان يقول به الزعيم عبدالرحيم بوعبيد من كون ” السياسة أخلاق” وعكس ما توهم ذوو النيات الحسنة من المغاربة الحالمون بالخير للجميع وللوطن ، تلك السياسة التي صاحبت تنفيذ  ظهير الملك  المذكور على أرض الواقع من طرف المسؤولين مركزيا واقليميا ومحليا ؛ ذلك التنفيذ  الذي كان يتم بغير ظاهر القول والظهير وبكثير من المكر والكذب والخداع  بسبب تدخل السلطات الترابية في كل صغيرة وكبيرة وان اقتضت الغاية “العصا لمن عصى” أو التضييق بكل أشكال التضييق الممكنة على كل حر ، و”فبركة” ،الملفات لكل من “فهم” مرامي الظهير بغير فهم تلك السلطات له ، التي لم تكن ترمي إلى تحقيق الديموقراطية الحقة داخل المؤسسات عموديا وافقيا ونشر مبادئها وقيمها كما هو متعارف عليها في الدول التي اخذت بها منهاجا سياسيا لا يمكنها أن تحيد عنه لأنها من الشعب والى الشعب وإنما كانت ترمي إلى حماية النظام من أعداء الأمس الذين كانت تواجههم بالرصاص والجمر ،   إلى خلق مجالس شكلية وصورية تنفذ سياسة النظام  في اي مجال إلى الحد الذي دفع الدولة لتخلق حزب  “الأحرار” من ألاميين واشباه الاميين ومن الاعيان في البوادي والمدن ومن الذين اغتنوا بطرق ما اثناء الفترة الاستعمارية ولو كانوا متعاونين مع المستعمرين  أو اثروا  بعد الاستقلال بشرط الا تكون لهم اية علاقة مع الأحزاب الوطنية وبخاصة منها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ،  فرشحتهم السلطات  للمجالس وساعدتهم بكل الوسائل اللاديموقراطية  على الفوز فيها  وتبوئ مكانة تسيير الشان العام ، أسندت راسة هذا الحزب لصهر الملك احمد عصمان ؛ وذلك من اجل مواجهة مرشحي ومنتخبي الاحزاب التقدمية التي ما زالت تعتبر عدوة للنظام حسب اعتقاده لأن الثقة ما زالت مفقودة فيها ! رغم أن التوافق وقع على الملكية كنظام حكم للمغرب لا رجعة فيه لانه الأنسب للمغرب  … ومنعها بالتالي  من تحقيق برامجها الانتخابية سواء للمجالس الجماعية أو للبرلمان لأن النتيجة ستكون لصالح الأحزاب الوطنية ولصالح الجماهير الشعبية سياسيا واجتماعيا وتنمويا وهي ما من شأنها أن تضر بمصالح الاقطاع و البرجوازية الناشئة    وايضا بمصالح الفئة التي ربطت مصالحها بالسلطة وبالخارج.
على ضوء بعض ما اسلفت بيانه لا اجدني متجنيا على الحق ومجانبا للصواب او ظالما لاحد اذا أجبت على التساؤل أعلاه بالنفي و بالقول الصريح  أن العكس صار هو الصحيح في الجماعة وفي جل مناطق المغرب   وان التخلف قد عم كل مجال وقطاع ومن دون استثناء … والدليل على  هذا التردي العام  للبنية التحتية في مركز الجماعة وفي كل الدوائر والقرى التي لا أبالغ إذا شهدت بانها  تلك البنية الأساسية والضرورية لكل مجتمع تتوفر لساكنته شروط العيش اللازمة لتحقيق كرامتها منعدمة ، وان وجدت فإن وجودها كعدمه لان الموجود فيها شديد الهشاشة الى حد التفريط والضحك على الذقون .
ومنها على سبيل المثال لا الحصر حالة الطريق الرابط بين المركز  وقرى الجماعة  كالطريق المؤدي إلى  مدشر الريحيين الذي يعتبر الدائرة الانتخابية الأقدم والأكبر في الجماعة  لان المواطنين من أجل استعماله يعانون  الآمرين وبخاصة في فصل الشتاء  لأنه عبارة عن مسلك رملي سرعان ما  تغمره مياه الأمطار شتاء فيتحول  إلى برك حقيقية واسعة  للماء والى حفر  تعرقل السير فيه  سواء على الراجلين أو على مستعملي البهائم والسيارات. فبماذا يفسر هذا التخلف العام الذي أصبح يطبع هذه الجماعة الغنية بمواردها الطبيعية والبشرية وبثروتها اللامادية التي لم يحسن تدبيرها إلى حد الكارثة والخيبة  ، لأنها صارت نموذجا في التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي عكس ما كان يؤمل من وراء صدور الظهير المذكور ؟ .
للاجابة عن هذا السؤال انقل هنا من دون تغيير تدوينتين  لشابين من الجماعة في الأولى يقر احدهما ” لا يختلف اثنان في كون الأحزاب القائمة في جماعة الساحل تغيب عنها الكوادر والنخب مع عزوف الأغلبية الساحقة من الشباب عن المشهد السياسي وترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الأميين السياسيين لإيواء هذا الدور وبالتالي صار المثقف يغرد خارج السرب ويسبح عكس التيار ” وفي الثانية يكتب صاحبها ” أن تردي الأوضاع لراجع اليهما بالأساس وما يجري مسرحية هزلية “.
فعلا ونعم ؛ ان تلك الأوضاع راجعة إلى السياسة التي ووجهت بها هذه الثورة في ميدان الديموقراطية واللاتمركز التي أتى بها هذا الظهير وبالأخص من طرف  بعض رجال السلطة في الجماعة والإقليم حيث لم يقع الاطمئنان اليه  لأسباب ذاتية وغير موضوعية بل وقع لديهم تخوف على مصالحهم  من نتائج  هذه التجربة الفتية في ميدان الديموقراطية وتدبير الشأن العام المحلي والإقليمي لهذا تقرر وادها في المهد وبكل الأساليب المعاكسة والمنافية لروح الظهير الملكي ومنها :
-اصرار السلطة الترابية في الجماعة على أبعاد المثقفين والمنخرطين في أحزاب الوطنية  وذات مصداقية باستعمال كل أساليب الشيطنة والضغط والاغراء من اجل انتخاب مكتب المجلس الجماعي المنبثق عن أول انتخابات جماعية في ظل ظهير 1976 من أميين واشباه الاميين تراسه المرحوم عبدالسلام الكلاعي الذي كان جاهلا للقراءة والكتابة لكنه مقرب من خليفة القائد  وشريك له في قطاع الفلاحة !
-قيام السلطات المحلية بالانتقام من المواطنين في الدائرة الانتخابية رقم 10 الريحيين لانهم صوتوا على مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبدالنبي التليدي الذي كان تعتبره عدوا لذوذا لها داخل المجلس ويقوم بدوره الاستشاري طبقا لمقتضيات الظهير لا يخاف لومة لائم و شوكة في حلقوم المكتب المخدوم لانه  يفضح التلاعبات السياسة والادارية التي كانت تضرب روح الظهير المعروف ، ما حدا بالمسؤولين في الجماعة والاقليم إلى تنفيذ مخطط خبيث ضد سكان الدائرة الانتخابية وهو محاصرة المدشر المذكور بالغابة بعد قيام إدارة المياه والغابات في العرائش بايعاز ودعم  من السلطة المحلية والاقليمية بغرس الأرض المحيطة بها باشجار البنية المعروفة أيضا بالتايدا  بغرض التضييق على الناس وحرمانهم و ماشيتهم  من الحطب ومن الرعي فيها خاصة وانها أرض تعتبر ملكا جماعيا لهم توارثوها جيلا بعد جيل ما اضطرهم إلى التجمهر والاحتجاج فيها لمنع تنفيذ المخطط .
 فوقعت المناداة ( المكيدة ) على عبدربه الذي كان يعمل بالتدريس في مدينة سيدي سليمان الغرب الذي حضر من اجل محاولة حل المشكل من خلال الحوار مع ممثلي السلطة وإدارة المياه  بصفته ينتمي الى القرية ولانه مستشار جماعي عنها داخل المجلس ، لكن كيد الماكرين  دفعهم إلى رفع تقارير غير حقيقية إلى السيد كمال الكانوني العامل على إقليم تطوان لأن الجماعة كانت تابعة اداريا له ؛ من جملة ما احتوته تلك التقارير المفتعلة  ادعاءها قيام المواطنين والمواطنات بالمناداة ب “عاشت عائشة” ! ام عبدالنبي التليدي وادعاءها قيام  هذا العضو  بالتهديد بحرق الغابة وهو ما لم يصدر عني كما لم يصدر عن الجمهور ما ادعته تلك التقارير ، فما كان من العامل المذكور الا ان أمر باعتقالي على الفور وفي عين المكان .
لكن ثلة من المواطنين عددهم اثنا عشر فردا  التجؤوا إلى مقر العمالة حيث استقبلهم العامل المذكور داخل مكتبه  فيها تسلم منهم عريضة بخروقات السلطات المحلية وببهتان ما ادعته ، قام على على إثر ذلك وفي نفس اليوم بزيارة مقر الجماعة في خميس الساحل حيث اجرى بحثا وتفتيشا قرر على ضوء نتائجهما اتخاذ الإجراءات الإدارية الفورية ضد المسؤولين المباشرين فيها كتنقيل القائد والخليفة عوضهما قائد جديد جيئ به من مدينة سلا ( الظاهر في وسط الصورة إلى جانب المرحوم محمد بديع العمري النائب البرلماني والمرحوم عبدالسلام الكلاعي بالجلباب الذي يعتبر اول رئيس للمجلس بعد صدور الظهير بالإضافة إلى عبدالنبي التليدي ) وتم التوافق على حل وسط بين سكان الريحيين وإلادارة المكلفة بالغابات قضى بغرس جزء من الأرض ما عدا  القريبة  من الملكيات الخاصة للمواطنين ومن بساتنهم .
    يتبع