الوضوح

شاركها

عبد الرحمان ساجي.. التجديد والتشبيب عنوان اندماج حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي

عبد الرحمان ساجي.. التجديد والتشبيب عنوان اندماج حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي

 

حوار مع عبد الرحمان ساجي، عضو المجلس الوطني لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.



بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الاندماجي لأحزاب ومكونات وفعاليات فيدرالية اليسار الديمقراطي، أجرت الفينيق ميديا حوارا مع عبد الرحمان ساجي، المناضل في صفوف حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي وعضو مجلسه الوطني، تحدث من خلاله حول مجريات الاندماج والرسائل المستخلصة منه وأهم التحديات التي تواجه الحزب الجديد

 

 

الفينيق:

– أهلا وسهلا، هل من كلمة في البداية بخصوص المؤتمر؟

 

 

أولا أشكر هذا المنبر الإعلامي الجاد على استضافتي.

بخصوص المؤتمر الوطني الاندماجي الذي نظم أيام 16 و17 و18 دجنبر، فقد انعقد بعد سنوات طويلة من العمل النضالي المشترك في مختلف المحطات السياسية المهمة وفي مختلف القضايا الشعبية، وبعد مدة مهمة عرفتها الدينامية الاندماجية التحضيرية.
لنقل اليوم وبكل صدق إننا وبهذا المؤتمر الاندماجي، بين حزبي الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي وتيار اليسار الوحدوي ومجموعة البديل التقدمي والفعاليات، نكون قد خرجنا من عنق الزجاجة، بعد سنوات طويلة من تشتت الجهود والاهتراء التنظيمي والانكفاء على الذات وبؤس الأداء، نحو آفاق عمل متعددة بأدوات جديدة.

 

-كيف مرت أجواء المؤتمر الوطني الاندماجي؟ وما هي الرسائل التي استخلصتها منه؟

 

أود الإشارة أولا إلى أن هذا المؤتمر شكل بالنسبة لي لحظة بصمت مخيالي السياسي وسيكون لها دون شك أثر كبير في المستقبل فعل اليسار بالمغرب.

 

أظن أن اليسار كان في أمس الحاجة لهذه المحطة التي تعتبر تمرينا ديمقراطيا حقيقيا؛ إذ لا يمكن إغفال أهمية تأسيس حزب جديد بناء على التوافق خصوصا في ظل تباين التجارب السابقة للتنظيمات المندمجة واختلاف فلسفتها في التنظيم وفي العمل والتفاعل مع المحيط السياسي الوطني والإقليمي والدولي.

 

التجديد كان أيضا من بين رسائل المؤتمر الذي انعقد تحت شعار “مسارات تتوحد ويسار يتجدد”، ولعل أهم ما يحيل على التجديد في الحزب المندمج، هو تلك الإرادة الموضوعية الجامحة في التشبيب التي أجمع عليها المؤتمرون والمؤتمرات، على الرغم من التخوفات غير الموضوعية التي كانت لدى البعض وأكاد أجزم أنها نتاج تجارب المناضلين في الماضي والتي أنتجت نفسيات مقاومة لإرادة وضرورة التشبيب الفعلي. وعلى النقيض، تجلت إرادة التشبيب في مداخلات المؤتمرين خلال المؤتمرين الاستثنائيين للحزبين المندمجين، وما تبعهما من جلسات في إطار المؤتمر الاندماجي الوطني.

 

لقد خرجنا من هذا المؤتمر، وبعيدا عن الشعارات والنظري، بفكرة مفادها أن مستقبل الحزب المندمج؛ حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، ومدى تطور أدائه وفعالية أدائه السياسي، هي أمور لا يمكن أن تتحقق إلا بتشبيب القاعدة الحزبية وهو ما يجب أن يحدث بالاعتماد على عدة ميكانيزمات، أهمها تشبيب الأجهزة القيادية؛ التقريرية والتنفيذية، وهو ما عكسته نسبيا تشكيلة كل من المجلس الوطني والمكتب السياسي.

 

وفي مسألة التشبيب، وبما أن الاندماج يعني ضم الأجهزة الموجودة أصلا إلى بعضها، وبالنظر إلى خطورة ذلك على تمثيل الشباب بشكل مهم في الأجهزة الوطنية التقريرية والتنفيذية، فقد تخلى عدد من القادة التاريخيين (لحل مشكلة عدم وجود شباب داخل الأجهزة التنفيذية الوطنية) عن مهامهم لصالح الشباب، وهو ما أعتبره وعي مهم بضرورة التشبيب ومؤشر على الانتقال في هذا الباب من الشعارات إلى ممارستها.

 

رسالة أخرى يمكن استخلاصها من المؤتمر الاندماجي، وهو وجود مقومات الانصهار والتماهي بين المكونات المندمجة، وهذا ما بينته جودة النقاش والتفاعل والتقدير الجدي والمشترك لأهمية المرحلة واتضح كذلك من خلال المصادقة على الأوراق المتعلقة بالهوية والخط السياسي والمرتكزات المتعلقة ببرنامج الحزب والعمل في الحقول الجماهيرية وفلسفة التنظيم والنظام الأساسي.

 

– هل يعتبر هذا المؤتمر محطة في ظل الاستمرار أم محطة للقطيعة مع الماضي؟

 

يمكن القول إن الأمر يتعلق بحزب جديد، ولكنه يستند في نفس الوقت إلى الإطار المرجعي نفسه لمكونات فيدرالية اليسار بأبعادها التاريخية والإيديولوجية والسياسية المستمدة من أدبيات الاشتراكية، كما ينبع من رصيد الحركة التقدمية والمواثيق الدولية للديمقراطية وحقوق الإنسان بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

فالمقصود بالحزب الجديد هنا هو أن هذا الأخير وحد بين أحزاب ومكونات وفعاليات لها المشروع السياسي والمجتمعي نفسه في كتلة تنظيمية جديدة، وبنفس متجدد وشاب، وبهوية متعددة ومنسجمة منفتحة تتمفصل داخلها مهمة إنجاز التغيير الديمقراطي.

 

وهنا أستحضر ما جاء في البيان العام الصادر عن المؤتمر الاندماجي، فالقطائع يجب أن تكون مع الثقافة والممارسات التي طبعت الحياة الحزبية المغربية وأفقدت السياسة نبلها القيمي، وعمقها الإنساني، أبرزها سيطرة النزعة الفردية والشخصنة.

 

 

– ماهي أهم التحديات التي تواجه الحزب الجديد؟

 

يمكن استخلاص تحديات المستقبل من تقييم الأداء التنظيمي والسياسي للفيدرالية في الفترة التي سبقت الاندماج، وهو أداء محتشم على العموم بالمقارنة مع الشعارات المرفوعة، ويرجع هذا لأسباب معروفة ولا داعي للوقوف عليها حاليا.

 

أظن أن أهم التحديات اليوم هي صنع الالتحام بالجماهير الشعبية على نحو متقدم، وجعل مشروع الحزب في دائرة اهتمامها (بناء الحاضنة الشعبية)، وتطوير الخطاب وعقلنته بالتخلص من العديد من السرديات التي لا تلعب بالضرورة دورا في الإقناع أو في إبلاغ رسالة سياسية معينة، فجزء كبير من خطابنا لا يمكن إلا نعته بالإطناب والحشو.

 

إن تطوير وعقلنة الخطاب أمر مهم جدا ومن شأنه أن يجعل الحزب الجديد قريبا من الأجيال الجديدة التي لم تعد تأبه بخطاب اليسار “الثقيل” بفعل التحولات الكونية والمحلية. فالرهان هنا هو جعل الحزب جذابا للشباب دون أن يفقد مضمونه الإيديولوجي، وأجزم أن اليسار بطاقاته الحالية قادر على تحقيق ذلك بالعمل الجاد والمتواصل، وبالاتكاء الدائم على النقد الذاتي.

 

بناء فروع محلية وإقليمية وجهوية قوية تنظيميا ومتنوعة فئويا هو أيضا تحدي مهم وأمر حاسم في تقوية أداء الحزب الجديد.

أظن أن الأمر اليوم أصبح أكثر سهولة من الماضي، إذ سيتمكن الحزب المندمج، بفضل مزج الطاقات البشرية والموارد اللوجستية والمادية، من بناء فروع قوية ترقى لمستوى التفاعل المطلوب من مختلف قضايا الشأن المحلي، وبالتالي التأثير في قرارات السلطة محليا وإقليميا وجهويا.

 

مربط الفرس في كل هذا هو التحلي بشغف العمل والإيمان الراسخ بضرورة تطوير ما يجب تطويره وتغيير ما يجب تغييره بكل الطرق المشروعة.

كما أنه من اللازم انخراط التنظيم المندمج بكل قطاعاته واذرعه في مختلف الديناميات الجمعوية والسياسية الوطنية والإقليمية والدولية للتعريف بمواقفنا ونضالاتنا وقضايانا في شتى المجالات.