توقعت الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة ارتفاع عدد المقاولات من هذا الصنف التي ستعلن إفلاسها في نهاية 2024، إلى حوالي 40 ألف، مقارنة مع 33 ألف مقاولة في 2023، و 10 آلاف مقاولة في 2019.
وقالت الكونفدرالية إن 99 في المائة من المقاولات المهددة بالإفلاس الوشيك تمثلها مقاولات صغرى جدا، مؤكدة أن هناك عدة أسباب تتضافر للوصول إلى الكارثة، منها نقص التمويل ونقص وتراجع الطلبيات العمومية (صفقات وسندات طلب)، والتأخر أو الامتناع عن سداد المستحقات.
إلى ذلك، كان مكتب “أنفوريسك”، مزود البيانات المالية حول شركات المملكة، قد كشف أن شبح الإفلاس خيّم على 7 آلاف و659 مقاولة خلال النصف الأول من السنة الجارية، أي بارتفاع 14 في المائة مقارنة من السنة الماضية؛ فيما تصدرت المقاولات الصغرى قائمة الشركات المفلسة بنسبة 99,3 في المائة.
وكان مكتب “أنفوريسك” قد رصد إفلاس أزيد من 14 ألف شركة مغربية خلال السنة الماضية، في حين يتوقع أن يصل عدد الشركات التي ستعلن إفلاسها بمتم السنة الجارية إلى 16 ألف شركة.
ويؤكد المحللون الاقتصاديون أن هذه الوضعية هي نتيجة أسباب وعوامل متعددة تتجاوز ضعف ولوج المقاولات المفلسة إلى التمويلات البنكية إلى وقوعها ضحية الضغط المالي الذي تفاقمه مشاكل التأخر في الأداء، مطالبين بضرورة اتخاذ إجراءات متكاملة تدحر خطر الإفلاس الذي يتربص بالمقاولات الصغرى على وجه الخصوص.
ومن المرتقب أن تتضاعف أرقام المقاولات المغربية المفلسة التي أعلن عنها “أنفوريسك” بنهاية السنة؛ فمعدل إفلاس المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي تشكل عصب النسيج المقاولاتي المغربي، لوحدها، بات يصل إلى 17 ألف مقاولة سنويا…
وحسب الخبراء، فإن نسبة مهمة من المقاولات المغربية تفلس بعد ثلاث سنوات فقط من بدء نشاطها، بالنظر إلى أسباب متعددة؛ منها تدهور القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات في السنوات الأخيرة ما يسبب تراكما دائما للسلع والخدمات التي تنتجها هذه الشركات، وضعف استفادة المقاولات الصغرى والصغيرة جدا بالأساس من طلبيات القطاعات العمومية والجماعات الترابية التي تستأثر المقاولات الكبرى بنصيب الأسد منها…
وتجد العديد من المقاولات الصغرى والصغيرة جدا صعوبة في الولوج إلى التمويلات البنكية؛ بالنظر إلى نسب الفوائد المرتفعة التي تظل فوق طاقة هذه المقاولات التي تكون في حاجة ماسة إلى القروض والمواكبة المالية من قبل الدولة، خاصة في السنوات الأولى من بدء نشاطها.
ويتطلب تحسين الوضعية المالية للمقاولات الصغرى والصغيرة جدا، حسب الخبراء الاقتصاديين، الابتعاد عن إدماجها في السياسات الموجهة إلى المقاولات المتوسطة؛ لأنهما لا يتشاركان نفس الإشكاليات والتحديات، ويجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات المتكاملة الموجهة حصرا لفائدة المقاولات الصغرى والصغيرة جدا، خاصة على مستوى تسوية وضعياتها الجبائية وتسهيل ولوجها إلى التمويلات البنكية.
ويرى الخبراء أن هذه النسب المرتفعة لإفلاس المقاولات في المغرب، التي كشف عنها “أنفوريسك”، راجعة إلى عوامل عديدة نبّه المتتبعون للشأن الاقتصادي إلى خطورتها منذ سنوات؛ وأولها استمرار تأخر المقاولات الكبرى في أداء المبالغ المستحقة عليها لفائدة المقاولات الصغرى والصغيرة جدا التي تقدم لها خدماتها في إطار المناولة، وهو ما يفاقم الضغط المالي على هذه المقاولات محدودة الخزينة أصلا.
ولا تزال المقاولات الكبرى تلجأ إلى أساليب تسمح لها بالتماطل في الأداء وتجاوز أجل 60 يوما الذي حددها القانون؛ عبر الضغط على المقاولات الصغرى والصغيرة جدا مناولة الخدمات، للقبول بآجال أداء تفوق 90 يوما أحيانا.
وحسب الخبراء، فإن عددا محدودا من المقاولات الصغرى والصغيرة جدا هي التي تستفيد من صفقات القطاع العمومي؛ بالنظر إلى أن هذه المقاولات لا تستوفي الشروط اللازمة والتنافسية المطلوبة في سوق هذه الصفقات، ما يجعلها عاجزة دائما عن تحقيق رقم معاملات مهم يضمن لها تمويل عجلتها الاستغلالية.
كما أن هذه المقاولات تفلس أيضا، حسب الخبراء، لأنها غير قادرة ماليا على القيام بعمليات الاستثمار في توسيع أنشطة الإنتاج والرفع من جودة وتنافسية خدماتها داخل السوق الوطنية؛ بل أكثر من ذلك تلجأ إلى توجيه مختلف القروض عالية الفائدة التي حصلت عليها نحو تغطية مصاريف العجلة الاستغلالية، من أداء السومة الكرائية وأجور الموظفين والعاملين…