الوضوح

شاركها

من زنوبيا إلى الفهرية.. بقلم الأستاذ ياسين يحيى

من زنوبيا إلى الفهرية..

بقلم الأستاذ ياسين يحيى

 

مما لا شك فيه، أن المرأة العربية لعبت أدوار الريادة في أغلب المجالات المهمة، وإن لم أقل جلها، فمنذ النهضة الإسلامية إلى العصور الوسطى، و وصولا إلى العصر الحديث، فقد تجلت إمكانياتها و إسهاماتها مع الرجل جنبا إلى جنب، بل و تفوقت عليه مرارا، حسب الظرف و طبيعة المهمة المنوطة إليها

فنجد المرأة قد تربعت على كراسي العلم و الفقة، وشتى العلوم الدينية و الدنيوية من فلك و رياضيات و فيزياء و غيرها، حيث تمدرس على يدها جملة و تفصيلا، عدد وفير من العلماء و الصحابة الأجلاء، ونأخذ “ابن حجر” مثالا على ذالك كطالب. وفاطمة الفهرية مؤسسة جامعة القرووين بمدينة فاس كمؤسسة.
فكانت بيوتهن منارة و قبلة للمتعطشين في علوم الدين و الدنيا، وأبنَّ على قدراتهن في التوصيل و التلقين على أحسن وجه ممكن.
ولا يخفى علينا أن دور المرأة في المجال العسكري، سواءا في فترة الدعوة في عهد النهضة الإسلامية، أو ما بعدها في العصور الوسطى، كانت ساعدا عتيدا، و عقلا مدبرا ، و سيفا قاضيا،
ونذكر على سبيل المثال نسيبة بن كعب والتي برزت في غزوة أحد، و ليلى خالد التي اختطفت الطائرة الاسرائيلية ووجهتها نحو سوريا لإطلاق الرهائن الذين كانو على متنها ، والملكة زنوبيا التي غزت مصر، وغيرها الكثيرات اللواتي تضيق الصفحة بذكرهن.

ولا يفوتنا أن الفن و الأدب والثقافة بشكل شامل قد نال من بصمتهن أوفر الحظ و النصيب، فالمرأة الشاعرة المفكرة، والمثقفة المناضلة، والمؤثرة و الموجهة كانت في صلب العمود الفقري للمجتمع العربي، والحاصلات على الدكتوراة و على جوائز نوبل للأدب

رغم هذه الحصيلة والتي لا غبار على أهميتها و ذهبيتها، فالمجتمع العربي كان و لا يزال للأسف، يقزّم و يستصغر دور المرأة، بل كانت العقلية الذكورية في المجتمع العربي، و عقدة الكرامة و الشرف كبئر ترمى فيه كلمة المرأة و رأيها، وكان يعزى هذا التصرف بأنه نابع من التطرف الأخلاقي أو الديني، والواقع ينفي هذا التحليل، فما أنجزته المرأة في ظل الفترة الإسلامية خير دليل على ما يمليه الجانب الديني في الموضوع، والشاهد على ذالك ما سردناه سابقا.

كما أن المشهد مماثل خارج القطر العربي من منظور الانجازات، و التاريخ زاخر بذالك، بل تكون المرأة مطابقة للرجل و متساوية الثقل معه، فمنذ سبأ و مرورا بالفرعونيات، وصولا إلى النساء المعاصرات اللواتي كن و لازلن رائدات في الفيزياء و الطب، وعلوم النواة و الذرة.

وغير ما ذكرناه كله، تكون المرأة هي المعلمة و المربية الأولى، فكيف للأسرة أن تنشئ بدون توجيهها و عنايتها و كيف للأستاذ و الطبيب و المهندس أن يصير كذالك، دون أن تحيطه الأم و الأخت و الخالة بالمودة و الرعاية.و أخيرا كيف يقوم المجتمع، كيف ما كانت بنيته، وتوجهه دون دور المرأة المحوري فيه.