لنغير سوقنا ….!!!
بقلم الكاتبة و الشاعرة دة. كريمة رحالي
كنا نحلم ونرى الأمل يجرنا بحبل به دبدبات طبيعية ، توقظنا كلما حصرنا اليأس بسلسلة توصد أعناقنا و تعطل عقولنا وتتوقف عن التفكير في أحلامنا ،ولكن سرعان ماتنفك ونجد أنفسنا عدنا إلى الحبل ذاته ونحن على مشارف الوصول .
اليوم صار الحبل أحبالا لا نعرف ما نختار او لا ندرك أيا منها يستوفي شروط المتانة والصلابة لأنها أصبحت مغشوشة توقعنا في وسط الطريق لاجئين منفيين في سوق كبير تعدد فيه التجار وبضائعهم الفاقدة للجودة لأنها أيضا لم تسلك الطريق الصحيح ، فوصلت فاسدة ،
وأصبح المشتري عبدا مستهلكا لها يشتهيها بعين زائغة يحركه جوعه لاقتنائها.
هكذا تاه كل شيء في سوق كبير يعج بناس اختفت ملامح وجوههم يتنقلون فيه و أعينهم انسدلت عليها غشاوة وانفضت آذانهم وأجسامهم من حين لآخر
كلما امتدت أياديهم إلى جيوبهم يركلهم فراغها ويعودون إلى مأواهم ليأخذوا ” كوبا محلى بنبتة ” اللويزا ” لينسوا أحلامهم وضنك الإحساس بالفشل والوهن والعجز والجهل. .
هكذا امتلأ السوق بمنتوج حديث وصل إليه على ظهر أحبال كهربائية تتطلب عملات رقمية وقعد البائع الجديد فيه على كرسي يداعب جسمه بالاتكال ويحرضه على الكسل والخداع ،خداع من لا يزال يرمي الدراهم العادية في كيس صغير ويقذف به في قب جلبابه .
اعتلت الصيحات بالسوق كل يوم ، “الكل يلغي بلغاه” صار السوق فتنة والفتنة أشد من القتل ،لم نعد نطرب لشيء ، الكل أصبح يسيئ إلى الموسيقى باستعمال مقامات موسيقية مضطربة ، لم نعد نهذب أنانا صرنا منشزين ، لم نعد نقتنع، حتى سوق فن الخطابة اعتلى منصاته المشعوذون والمزيفون والانتهازيون ،….
أصبحنا نفر بأجسامنا وأرواحنا إلى الاختلاء بشجرة التي كلما نظرنا إليها تمد بصرنا إلى خالقنا ، ونعانقها بشغف ونهيم في حضنها و نستلهم منها حبا وطاقة لإتمام العيش،فهي كانت الحطب والغذاء والغطاء ، وكانت سوقا كبيرا للإنسان لا يفرغ فيه شيئا من جيبه بل كان يعود منه بجيوب ممتلئة.
نريد سوقا جديدة ونرحب ببائعيها وبضائعها ولكن بطابع فيها يثبت جودتها طابع يجمع شكله الدائري القيم الثابتة، الوعي والعلم و….وليكن سوقنا راقيا بأصواته وموسيقاه ومنابره المزدانة بأجراس تدق بانتظام وتستقبل المشترين في يومها الأسبوعي وفي الساعة المحددة للانطلاق والمغادرة وتنظف عمليتي البيع والشراء من كل الشوائب .