لم يهدر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الزمن، وسارع، مباشرة بعد الخطاب الملكي لعيد العرش، إلى التفاعل مع مضامينه بعقد اجتماع فوري للجنة قيادة البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، ركز فيه على جانب الاستثمار في البرنامج الوطني للماء.
وشدد عزيز أخنوش، خلال الاجتماع، على ضرورة التحرك الناجع والحاسم، عبر بذل المزيد من الجهود واليقظة وإبداع الحلول والحكامة في التدبير لإشكالية الماء البنيوية في بلادنا، والتي استأثرت بالنصيب الأكبر من الخطاب الملكي.
وتمحور النقاش خلال الاجتماع، الذي حضره عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية، ونزار بركة وزير التجهيز والماء، ومحمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروي، حول عرض المشاريع وترتيب الأولويات وتحديد مواعيد واضحة لانطلاق وانتهاء كل مشروع من مكونات البرنامج الوطني للماء.
واستنفر رئيس الحكومة الوزراء المسؤولين عن القطاعات المعنية لتكثيف جهودهم للرفع من وتيرة الاستثمارات وتنزيلها في الغلاف الزمني المحدد دون أي تأخر، لضمان تنفيذ جميع مشاريعه بالسرعة والنجاعة اللازمتين، وتحقيق أهدافه ليساهم في التخفيف من حدة الإجهاد المائي، بما يستجيب ويرقى إلى التطلعات الملكية.
وبغية إنجاح عملية التصدي بشكل ناجع وفعال للوضعية المائية التي أصبحت أكثر هشاشة وتعقيدا ببلادنا بحسب نص الخطاب الملكي، فقد ركز الاجتماع الذي ترأسه عزيز أخنوش، على جانب الاستثمار في مشاريع البرنامج الوطني للماء.
ومما يعضد نهج أخنوش في تنزيل التوجيهات الملكية، أن مجموعة من المراقبين متفائلون بكسب بلادنا لرهان الماء في السنوات المقبلة، بفضل السرعة والحزم في تنزيل ما تم إنجازه من مشاريع، والتحلي باليقظة والعزيمة والجدية في ما يقبل عليه المغرب من مشاريع أخرى، مقارنة بعدد من الدول التي تعيش السياق المناخي نفسه.
وتعمل الحكومة في هذا الصدد، على تسريع وتيرة بناء السدود وتحلية مياه البحر وإعادة تدوير المياه العادمة، وتوعية المواطنين بأهمية ترشيد استهلاك المياه، وتطبيق تقنيات الزراعة الحديثة التي تقلل من استهلاك المياه، وذلك للحفاظ على أمن المغربي المائي والطاقي والغذائي، والتوجه صوب تحقيق الأهداف التنموية الكبرى للبلاد في أفق سنة 2030.
وتقوم الفلسفة التي يقوم عليها البرنامج الوطني للماء على الاستجابة الاستباقية لتحديات الماء ببلادنا، عبر ضمان حصول جميع المغاربة على مياه شرب نظيفة وكافية، وتحقيق الأمن المائي للقطاع الفلاحي الذي يشكل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني.
وخصص الملك محمد السادس، ضمن خطاب الذكرى 25 لعيد العرش، الإثنين الماضي، حيزا مهما لإشكالية الماء بالمغرب، مؤكدا إصدار توجيهات للسلطات المعنية لمعالجة إشكالية الماء، وعدم التهاون في الموضوع.
وقال الملك محمد السادس إن إحدى أهم الإشكاليات التي تواجه المغرب إشكالية الماء التي تزداد حدة بسبب الجفاف وتأثير التغيرات المناخية والارتفاع الطبيعي للطلب، إضافة إلى التأخر في إنجاز بعض المشاريع المبرمجة في إطار السياسة المائية.
وأكد في خطابه أنه لمواجهة هذا الوضع الذي تعاني منه العديد من المناطق، لا سيما العالم القروي، تم إصدار تعليمات للسلطات المختصة لاتخاذ جميع الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة لتجنب الخصاص في الماء، مشددا على التنزيل الأمثل لكل مكونات البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي ساهم في التخفيف من حدة الوضع المائي.
وألح الملك محمد السادس على ضرورة التحيين المستمر لآليات السياسة الوطنية للماء وتحديد هدف استراتيجي في كل الظروف والأحوال، وهو ضمان الماء الشروب لجميع المواطنين، وتوفير 80 في المئة على الأقل من احتياجات السقي على مستوى التراب الوطني.
وتابع بأنه “لابد من استكمال برنامج بناء السدود، مع إعطاء الأسبقية لمشاريع السدود، المبرمجة في المناطق التي تعرف تساقطات مهمة”، مشيرا إلى أنه “وطبقا لمنظورنا الاستراتيجي الإرادي والطموح، ندعو لتسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية : من حوض واد لاو واللكوس، إلى حوض أم الربيع، مرورا بأحواض سبو وأبي رقراق”.
وأضاف أن ذلك “سيمكن من الاستفادة من مليار متر مكعب من المياه، التي كانت تضيع في البحر. كما ستتيح هذه المشاريع، توزيعا مجاليا متوازنا، للموارد المائية الوطنية”.
ويتعين كذلك، وفق الخطاب الملكي، “تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، والذي يستهدف تعبئة أكثر من 1,7 مليار متر مكعب سنويا”، الأمر الذي “سيمكن المغرب، في أفق 2030، من تغطية أكثر من نصف حاجياته من الماء الصالح للشرب، من هذه المحطات، إضافة إلى سقي مساحات فلاحية كبرى، بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلاد.. وذلك على غرار محطة الدار البيضاء لتحلية الماء، التي ستكون أكبر مشروع من نوعه بإفريقيا، والثانية في العالم التي تعمل 100 في المائة بالطاقة النظيفة”.
ويبقى التحدي الأكبر، وفق الملك، “هو إنجاز المحطات المبرمجة، ومشاريع الطاقات المتجددة المرتبطة بها، في الآجال المحددة، دون أي تأخير”.
وأضاف “ولأن إنتاج الماء من محطات التحلية، يستوجب تزويدها بالطاقة النظيفة، فإنه يتعين التعجيل بإنجاز مشروع الربط الكهربائي، لنقل الطاقة المتجددة، من الأقاليم الجنوبية إلى الوسط والشمال، في أقرب الآجال”.
وفي هذا الصدد، دعا الملك “للعمل على تطوير صناعة وطنية في مجال تحلية الماء، وإحداث شعب لتكوين المهندسين والتقنيين المتخصصين؛ إضافة إلى تشجيع إنشاء مقاولات مغربية مختصة، في إنجاز وصيانة محطات التحلية”.
وأكد في هذا الصدد أنه “لا مجال لأي تهاون، أو تأخير، أو سوء تدبير، في قضية مصيرية كالماء”.