علي بنهرار
مع اقتراب عيد الأضحى، الذي لم تعد تفصل المغاربة عنه سوى ثلاثة أشهر، وجد فلاحو بعض مناطق الجنوب الشرقي، ومنها بومية وزاكورة وأكدز، إلخ، أنفسهم ينتظرون الشعير المدعم الذي شرعت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في توزيعه على “الكسابة” في مختلف أقاليم المغرب منذ مارس 2022؛ معتبرين أنه “أساسي للمواشي استعدادا لـ’العيد الكبير’”.
وفي هذا الإطار أكد محمد لمين لبيض، حقوقي وفاعل جمعوي بمنطقة الجنوب الشّرقي، “استمرار تأخر تسليم حصص الشعير المدعم للعديد من ‘الكسابة’ والفلاحين بزاكورة وتنغير وبومية وأكدز، بما يفاقم أزمة الساكنة القروية التي تعيش في الأصل أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة”، مضيفا أن “الفلاحة المعيشيّة تعد حلقة الوصل بالنسبة لعيش جزء مهم من الساكنة، وتضررها تكون له دائما تداعيات وخيمة على الاستقرار الاجتماعي”.
ولفت لبيض، في تصريحه لهسبريس، إلى “إمكانية تسليم الحصص في الأيام المقبلة، لكن تأخرها هو الإشكال، لأنه صعّب على الفلاحين الصغار تقليص كلفة الإنتاج وتكاليف تربية الماشية؛ لاسيما أن الجفاف في منطقة الجنوب الشرقي أنهك الرحل والفلاحين، تحديداً الذين يعتمدون على الكلأ في إطعام ماشيتهم، وصعّب توفير موارد مائية كافية لاستمرار تربية الأغنام والماعز وعدم نفوقها نتيجة هذه الأوضاع”، وفق تعبيره.
وسجل الفاعل الحقوقي عينه “حتمية اتخاذ تدابير لتوفير الشعير المدعم مجانا لبعض المناطق المنهكة تماما كفترة انتقالية، لأن ثمن القنطار المحدد في 160 درهماً يمكن أن يكون مكلفا لـ’الكسابة’، الذين لم يراكموا سوى الخسائر في الشهور الأخيرة؛ أو تخصيص دعم مالي سنوي قادر على تغطية تكاليف الإنتاج، لكن مؤقتاً كي لا يصبح نوعاً من الريع؛ وذلك ضماناً لاستمرار الفلاحة بشكل عام ومساعدة الفلاح الصّغير ليقاوم المتاعب”، بتعبيره.
وفي الصدد ذاته أشار المتحدث إلى “صعوبات التنقل التي يواجهها العديد من الفلاحين وسط غلاء الأعلاف والمواد الأوليّة”، داعيا الدولة إلى “التّفكير في دعم حفر الآبار وتجهيزها بمضّخات للطاقة الشمسية لتسهيل الحياة بالنسبة للفلاح الصغير ولماشيته”، ومعتبرا أن “الفلاحة تموت تدريجيا في مناطق الجنوب الشرقي نتيجة الجفاف الذي زاد من حدة الهجرة واللجوء البيئيين”.
من جانبه، قال يدير وخويا، ‘كساب’ ومربي إبل بالمنطقة، إن “عدم تسليم الشعير المدعم إلى حدود الآن جعل وضعية العديد من الفلاحين معقدة، خصوصاً أن الكثيرين كانوا يعولون عليه لضمان تغذية سليمة لماشيتهم؛ فالشعير يعتبرُ علفاً ممتازاً، ويساهم في نمو سليم وطبيعي للمواشي”، داعيا إلى “تحويله إلى دعم شهري بشكل منتظم ومحدد وفق تواريخ لكي يقصد الفلاح نقطة البيع، لأن هذا التأخير غير مفهوم”.
وأشار المتحدث عينه إلى أن “انطلاق عملية التوزيع يمكن أن يتم في ظروف غامضة، لعدم الإخبار به، وحين يتجه الجميع إلى نقط التوزيع تحدث فوضى، وهذا الوضع يحرم بعض الفلاحين من الاستفادة من حصتهم من هذا العلف”، مؤكدا على “ضرورة أن تتدخل الدولة لمراقبة العملية بشكل دوري، وتحرص على استفادة الجميع بالتساوي، لأن العديد من الأغنام والماعز والإبل ماتت جوعا نتيجة الجفاف”.
وتطرق “الكساب” سالف الذكر إلى “دور الفلاحة في المناطق الهامشية وأهمية تنوّع رصيد الساكنة من الماشية، حماية لاستمرار الرغبة في العيش في المنطقة وضمان استدامة القطاع”، مؤكداً أن “الشّعير المدعم لا يمكن إنكار أثره في تشجيع الفلاحين الصغار على المزيد من الاستثمار وتعزيز الإنتاج الوطني”، وختم قائلا: “جميعنا ننتظر أن يتمّ وضع حصّة هذه السنة للتوزيع، بنسبة أكبر لأنها حاسمة”.