الوضوح

شاركها

إلى متى تبقى الأطراف المتحاربة عالقة في أوحال المستنقع الدموي بغزة؟.

الوضوح / عبدالراضي لمقدم

ارتفاع منسوب شهية الإنتقام وشهوة الإنتصار دفعت كل الأطراف إلى التورط في مستنقع غزة، بل وجعل التحرر من الوحل في غاية الصعوبة، فمن جهة إسرائيل، وجد نتانياهو نفسه في وضع لا يحسد عليه فهو أسير بين اليمين المتطرف وبين الضغوط الأمريكية من أجل وقف الحرب حتى لا تخسر أمريكا حلفائها العرب في محور الإعتدال، فيما اليمين المتطرف الإسرائيلي يضغط باتجاه التصعيد إلى حين القضاء نهائيا على القسام، رغم معارضة بعض القادة العسكريين الإسرائيلي لإدراك بحجم الخسائر التي سيتكبدها الجيش الإسرائيلي مما سيجعل من رحيل أسطورة الجيش الذي لا يقهر و هو ما من شأنه تهديد الأمن القومي لإسرائيل على المدى المتوسط في أحسن الحالات. المستقبل السياسي لنتانياهو هو الآخر يشكل هاجس لا سيما أنه هو ذاته كان يريد حربا خاطفة ليصور بها الإنتصار حتى يضمن بقاءه في السلطة ليقتل من المساءلة القانونية في ملفات شبهات فساد …..

و في الجهة الأخرى، و أمام حالة الفراغ السياسي الذي تعيشه غزة وحتى الضفة الغربية نتيجة الانقسامات والتخندقات بل وصلت الأمور إلى حد الإقتتال الداخلي، ما جعل الكل مرتبط بأجندات خارجية تستثمر و تستغل مأساة الشعب الفلسطيني لتحقيق غاياتها و أهدافها في المنطقة، كما استغلت القضية نفسها أبشع استغلال من لدن بعض الأنظمة و تحويلها إلى صك تجاري و شعارات فارغة لتخذير شعوبها ولاسيما الأنظمة التي تتبجح بكونها تصطف في جانب محور”المقاومة” الذي إرتمت حماس و الجهاد الإسلامي في أحضانه كآلية لتنفيذ المخططات الرامية إلى اشعال المنطقة وتحويلها إلى برميل بارود يحرق ما تبقى من الأمل، حماس اليوم في رقبتها مليوني فلسطيني يعيشون في حكم الإحتجاز، بل وتهرق دماءهم الزكية كل يوم بطرق وصور تقشعر لها الأبدان، تذكر الجميع بمذابح التطهير العرقي بالبلقان خلال تسعينيات القرن الماضي.

هذه الفوضى و هذا الدمار و القتل العشوائي سيترك لا محالة جروح وندوب في وجدان الفلسطينيين لعقود وأجيال قادمة، الأمر الذي يدمر حل الدولتين و كل فرص السلام، لذلك يبقى الأمل معلق على المجتمع الدولي المزيد من الظغوط على الأنظمة لمراجعة السياسات الخاطئة التي بدلت الأولويات بالدفع للسلام عبر الإتفاقيات الغير القابلة للتنفيذ والتي لم يستشر فيها الشعب الفلسطيني بدلاً من السلام الفلسطيني الفلسطيني من خلال مصالحة حقيقية بين كافة المكونات و الفصائل، متوهمة بأن ذلك سوف يجلب الأمن والاستقرار للمنطقة، وان غياب السلام الفلسطيني وحق شعب فلسطين في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة، وبدونه، ستبقي عوامل عدم الاستقرار بالمنطقة، فلا سلام ولا أمن ولا استقرار سيدة الموقف حتى أجل غير مسمى و سيبقى الدم منسابا.

عبد الرضي لمقدم عضو المجلس الوطني لجبهة القوى الديمقراطية.

الكاتب العام للمنتدى الوطني المنتخبين الديمقراطيين.

عضو جماعي.