منذ إحداثه سنة 2001، دأب المهرجان الدولي للفيلم بمراكش على تكريم أكبر الأسماء في السينما العالمية والمغربية. هذه السنة، وبمناسبة دورته العشرين، ستمنح النجمة الذهبية للمهرجان لشخصيتين استثنائيتين تقديرا لهما على إسهاماتهما القيمة في مجال الفن السينمائي؛ الممثل الدانماركي الكبير صاحب المسار الفني العالمي مادس ميكلسن، والمخرج المغربي الموهوب والشاعري فوزي بنسعيدي.
يعد مادس ميكلسن واحدا من الممثلين المعاصرين القلائل الذين تفوقوا في تجسيد أدوار في أكثر أفلام هوليوود وسينما المؤلف الأوربية نجاحا. جاذبيته القوية، جرأة اختياراته، وقدرته على إعادة اختراع نفسه ببراعة من فيلم لآخر، تجعل منه واحدا من أكثر الممثلين تألقا وتقديرا من بين فناني جيله. أدوار ميكلسن في غالبيتها أدوار معقدة، فهو يثير المؤامرات أو الرعب أو الافتتان من فيلم لآخر، وهو اليوم الممثل الدانماركي الأكثر شهرة في العالم.
” مهرجان مراكش العزيز،
يا له من تشريف عظيم أن يتم توجيه الدعوة لي مرة أخرى إلى مهرجانكم الرائع. آخر مرة حضرت هنا كانت بمناسبة مشاركتي في التكريم الذي خصه المهرجان للسينما الدانماركية. هذه المرة يتعلق الأمر بتكريمي الشخصي. الجائزة التي سأحصل عليها سأهديها لجميع من عملت معهم طوال هذه السنوات. أنا فخور جدا لأن اسمي خطر ببالكم عندما كنتم تتداولون حول الشخص الذي يستحق أن يتم تكريمه. أنا كذلك جد سعيد لأني سأجدد اللقاء قريبا في مدينة مراكش الرائعة بمجموعة من الأصدقاء والمتعاونين وببعض ممن أعتبرهم أبطالي.
كم أتوق لذلك! “يقول مادس.
منذ ما يناهز خمسا وعشرين سنة، استطاع فوزي بنسعيدي أن يوقع على مسار مهني حافل سواء خلف الكاميرا أو أمامها. مؤلف رائد في السينما المغربية، وأحد أبرز ممثليها على الصعيد العالمي، سجلت أفلامه حضورا دائما في أكبر المهرجانات العالمية، من كان إلى برلين، مرورا بتورونتو والبندقية. مبدع متميز في فن السخرية الشاعرية، ينجز بنسعيدي بتبات كبير وثقة عالية عملا رائعا ميزته التفرد والعمق الإنساني.
“مراكش مدينة بألف حكاية، والمهرجان واحد من هذه الحكايات، مراكش المشرقة، المتألقة، المنفتحة والإنسانية لا تتوقف عن تجديد نفسها، وعن ابتكار طرق جديدة للتميز. تجمعني مع هذا المهرجان الرائع قصة حميمية، فأنا فخور جدا لأن جميع أفلامي عرضت هنا، وممتن جدا لهذا الوفاء وهذه الصداقة. شكرا لمهرجان مراكش على تتويج علاقتنا القوية بهذا التكريم الذي يعد تشريفا عظيما بالنسبة لي. أشعر بالسعادة وببالغ التأثر وأنا أحظى بالتكريم في بلدي وفي واحد من أروع مهرجانات العالم. أتطلع لمشاركة فيلمي الأخير “الثلث الخالي”، الذي أنجزته كذلك من ألف حكاية وحكاية، مع جميع رواد المهرجان”. يقول بنسعيدي بمناسبة مشاركته في المهرجان.
مادس ميكلسن
عاد مادس ميكلسن إلى السينما الدانماركية سنة 2020 من خلال فيلم “جولة أخرى”، الحائز على جائزة الأوسكار، والذي أكسبه ترشيحا لجوائز الأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون (بافتا) وجائزة الفيلم الأوربي. كانت تلك ثاني تجربة له مع توماس فينتربيرج، المخرج الذي عمل تحت إدارته في فيلم “الصيد” (2013) الذي نال العديد من الجوائز، من بينها جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان. كما لعب دور البطولة في فيلم ” فرسان العدالة” سنة 2020.
خارج وطنه الدانمارك، دون مادس ميكلسن اسمه في هوليوود بأدوار أولى في مجموعة كبيرة من الأفلام. في سنة 2023، لعب دور البطولة أمام هاريسون فورد في فيلم ” إنديانا جونز ونداء القدر”. كما لعب الدور الرئيسي في أفلام عديدة من قبيل ” الشماليون”(2019)، “بولار” (2019)، ” دكتور سترينج” (2016)، ” المارقة: قصة من حرب النجوم” (2016)، ” كازينو رويال “(2006)، “الملك آرثر” (2004)، وفي سلسلة “هانيبال” التي لاقت نجاحا كبيرا (2013-2015) والتي لعب فيها دور البطولة. في سنة 2011، حصل على جائزة الفيلم الأوربي اعترافا له على عطاءاته الفنية ومساهماته القيمة في السينما العالمية. وفي سنة 2016، شارك في عضوية لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي.
لعب مادس ميكلسن أدوارا ستظل خالدة في مجموعة من الأفلام الدانماركية مثل “رجال ودجاج” (2015)، وفي الفيلم الكبير الذي حاز على جائزة الأوسكار “غرام ملكي” (2012)، وفي ” بعد الزفاف” (2006) للمخرجة سوزان بيير الذي ترشح كذلك لنيل جائزة الأوسكار. اشتغل مؤخرا مع نيكولاي أرسيل في فيلم “أرض الميعاد” (2023)، الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية.
كما لعب دور البطولة في العديد من أفلام أندرس توماس جنسن من بينها ” تفاح آدم” (2005)، و “الجزارون الخضر” (2003)، و”الأضواء الوامضة” (2000). بالإضافة إلى مشواره الرائع في السينما، تألق في مسلسل” الوحدة” المتوج بجائزة إيمي للمسلسلات والبرامج التلفزيونية.
كان مادس ميكلسن قد تخرج سنة 1996 من مدرسة مسرح آرهوس “المدرسة الوطنية الدانماركية للفنون المسرحية”، وسجل أول ظهور له في الفيلم الأول لنيكولاس ويندينج ريفن “تاجر مخدرات” (1996)، ثم استمرا في العمل معا في أفلام “بليدر” (1999)، “تاجر مخدرات II” (2004) و”صعود فالهالا” (2009).
فوزي بنسعيدي
أخرج فوزي بنسعيدي سنة 1997 فيلمه القصير الأول “الحافة ” الذي نال العديد من الجوائز، قبل أن يشارك أندري تيشيني في كتابة سيناريو فيلمه “بعيدا” سنة 2000، أعقب ذلك إخراجه لفيلمين قصيرين: “الحيط …الحيط”، المتوج في قسم “أسبوعي المخرجين” بمهرجان كان، و”خيط الشتا”، الذي توج في مهرجان البندقية. فاز فيلمه الطويل الأول “ألف شهر” (2003) بجائزتي النظرة الأولى ولجنة الشباب في قسم “نظرة ما” بكان. وأتبع ذلك بفيلم “يا له من عالم رائع” الذي عرض في مهرجان البندقية.
من خلال التفكير في العناصر التي كونت هذا الفيلم والتي لم يتم العثور عليها في النسخة النهائية (مشاهد مصورة غير مستخدمة، رسومات، أفكار، صور وفيديوهات) تشكل الجزء الأساسي من تركيبة تسمى Man’s worlds – World’s men سنة 2009، بتعاون مع مركز الفنون المعاصرة، الشقة 22. فاز فيلمه الموالي “بيع الموت” (2011)، المتوج بجائزة “فن وتجريب” في مهرجان برلين. ثم أخرج فيلم “وليلي” (2017)، الذي تم اختياره في قسم “أيام البندقية”، ونال سبعة جوائز في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة. شارك مع مؤسسة “الفن من أجل العالم” في إنتاج فيلمين جماعيين حول تغير المناخ: Interdépendance مع الفيلم القصير A sunny Day سنة 2019، و Interaction سنة 2022 عن العناية بالحيواناتWhy did you leave the horse alone ? . في سنة 2022، أخرج فيلم “أيام الصيف” المقتبس عن رواية “بستان الكرز” لأنطون تشيخوف. وتم عرض أحدث أفلامه الطويلة “الثلث الخالي” في قسم “أسبوعي المخرجين” بمهرجان كان سنة 2023. فوزي بنسعيدي هو أيضا ممثل، فقد لعب في أفلام برتراند بونيلو، نذير مقناش، داود أولاد السيد وجاك أوديار.