في إطار مواجهة ظاهرة التسول واستغلال الأطفال، أصدرت المحكمة الابتدائية بالحسيمة أحكاما قضائية في حق ستة أشخاص تورطوا في هذه الممارسات، بعد عرضهم على أنظار العدالة في ملفات منفصلة.
وقضت المحكمة بإدانتهم والحكم على كل واحد منهم بشهر واحد حبسا موقوف التنفيذ، في خطوة تهدف إلى ردع هذه الظاهرة التي تعرف انتشارا واسعا بالإقليم، خصوصا حين ترتبط بطرق تدليسية أو باستغلال الظروف الاجتماعية الهشة.
وتنسجم هذه الأحكام مع مقتضيات القانون الجنائي، الذي يجرم التسول في مواده من 326 إلى 333، ويشدد العقوبات إذا تعلق الأمر باستغلال القاصرين، لما يمثله ذلك من تهديد لحقوقهم وسلامتهم النفسية والجسدية.
وفي السياق ذاته، أيدت محكمة الاستئناف بالحسيمة، قبل أيام، حكما ابتدائيا قضى بإدانة امرأة بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم، بعد متابعتها من أجل التسول باستعمال أطفال قاصرين تقل أعمارهم عن 13 سنة، إضافة إلى متابعتها بتهم ممارسة العنف في حقهم.
وتجمع تقارير ميدانية على أن ظاهرة التسول في المغرب لم تعد مجرد سلوك فردي عابر، بل تحولت إلى “حرفة” منظمة في كثير من المدن، حيث يلجأ البعض إلى استغلال الإعاقات الجسدية أو الأطفال الصغار من أجل استدرار عطف المارة وجمع الأموال بطرق غير مشروعة.
وقد أدى هذا الوضع إلى نشوء شبكات تستغل الهشاشة الاجتماعية لتحقيق أرباح سهلة على حساب الفئات الضعيفة. كما أن استمرار هذه الظاهرة، رغم المجهودات المبذولة، يطرح إشكالات متعددة، سواء على مستوى الأمن الاجتماعي أو صورة الفضاء العمومي، إذ باتت بعض الشوارع والساحات الكبرى مسرحا لممارسات منظمة يصعب التفريق فيها بين المتسولين المحتاجين فعلا، وبين الذين يمارسونها كمهنة تدر عليهم دخلا ثابتا، وهو ما يدفع إلى ضرورة تكثيف الإجراءات القانونية إلى جانب تعزيز المقاربات الاجتماعية لإيجاد حلول مستدامة.