الوضوح

شاركها

الدار البيضاء تطلق عملية بيع غير مسبوقة لمئات المركبات المحجوزة

أعلنت جماعة الدار البيضاء عن إطلاق عملية بيع بالمزاد العلني تعد من الأكبر من نوعها خلال السنوات الأخيرة، وتشمل ما مجموعه 1337 مركبة محجوزة أو مهجورة كانت مخزنة بالمحجز البلدي بأولاد عزوز، التابع لإقليم النواصر. وتأتي هذه العملية، المقررة يوم 5 غشت 2025، في سياق سياسة ترمي إلى تفكيك الضغط المتزايد على المحاجز، وتحقيق مداخيل إضافية لفائدة ميزانية الجماعة.

وتشمل المركبات المعروضة للبيع 682 سيارة، و602 دراجة نارية، و53 دراجة ثلاثية العجلات (تريبورتور)، بقيمة افتتاحية تناهز 7 ملايين درهم، مما يعكس حجم الأصول المتراكمة داخل هذا المرفق، الذي وصل إلى مرحلة حرجة من الاكتظاظ بفعل تكدّس المركبات غير المسترجعة لمدد تجاوزت في بعض الحالات سنة كاملة، ما يسمح قانونًا بطرحها للبيع وفق المساطر الجاري بها العمل.

وينتظر أن تستقطب جلسة البيع جمهورا واسعا من المهنيين، في مقدمتهم تجار قطع الغيار، وشركات تدوير العربات، والمقاولات المتخصصة في تفكيك المركبات المنتهية الصلاحية، بالنظر إلى القيمة الاقتصادية لهذه المركبات رغم وضعها الميكانيكي المتردي.

ويُدرج هذا الإجراء ضمن خطة أوسع للجماعة تهدف إلى تحسين تدبير المحاجز وتخفيف الضغط عليها، خصوصًا في ظل الانتقادات المتكررة التي تطال طريقة تسييرها، وعلى رأسها محجز أولاد عزوز، الذي أصبح رمزًا لفشل تدبيري مزمن في تدبير المركبات المحجوزة، ما أثر سلبًا على أداء المصالح الجماعية ومصداقية الإدارة.

وفي هذا السياق، قام والي جهة الدار البيضاء-سطات، رفقة عامل إقليم النواصر ورئيسة مقاطعة الحي الحسني، بزيارة ميدانية إلى الموقع للوقوف على الوضع الميداني للمحجز، في إشارة إلى المتابعة الفعلية التي توليها السلطات لهذا الملف، وما يكتسيه من أهمية مالية وتنظيمية.

لكن، ورغم الترحيب بمبدأ البيع والتخلص من الفائض المهمل، تُطرح تساؤلات جوهرية حول مآل الأموال التي سيتم تحصيلها من هذه العملية. فهل سيتم توجيه هذه الموارد لتعزيز خدمات القرب، وتحديث تجهيزات الجماعة، ودعم مشاريع البنية التحتية؟ أم أن هذه الأموال ستُدرج ضمن اعتمادات عامة دون تتبع دقيق، ما يُضعف أثرها الفعلي على حياة المواطنين؟

الفاعل الجمعوي عبد العزيز الشايق عبّر عن هذه التخوفات صراحة، مشددًا على ضرورة ضمان الشفافية الكاملة والالتزام الصارم بالمساطر في هذه العملية، واعتبر أن محجز أولاد عزوز أضحى بمثابة نقطة سوداء تسيء لسمعة العاصمة الاقتصادية، نتيجة سوء التدبير، وغياب رؤية إصلاحية واضحة، داعيًا إلى تعبئة المؤسسات الرقابية والجمعيات المدنية لمواكبة هذه العملية وضمان توجيه مخرجاتها نحو الصالح العام.

وفي الوقت الذي تتطلع فيه الجماعة إلى تدبير أكثر عقلانية للممتلكات المحجوزة وتحقيق مردودية اقتصادية، تبقى الثقة والشفافية في تدبير المال العام مفتاحًا لنجاح مثل هذه المبادرات. ومن المنتظر أن تُشكّل نتائج هذا المزاد اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام السلطات المحلية بتكريس الحكامة الجيدة والقطع مع ممارسات الغموض والتعتيم.

إن عملية بيع المركبات المهجورة بأولاد عزوز تضع جماعة الدار البيضاء أمام فرصة لإعادة بناء علاقة ثقة مع الساكنة، من خلال تدبير شفاف ومراقبة صارمة واستثمار فعلي للعائدات في مشاريع ملموسة تعود بالنفع على المدينة ومواطنيها.