الوضوح

شاركها

مالي تتجاهل وساطة الجزائر وتتبنى ميثاقا وطنيا جديدا للسلام والمصالحة

تجاهلت السلطات الانتقالية في مالي عرض الوساطة الذي قدمته الجزائر لإعادة إحياء الحوار مع الجماعات المتمردة في شمال البلاد، مفضلة مسارا داخليا خالصا توج بتبني ميثاق وطني جديد للسلام والمصالحة، يلغي رسميا اتفاق الجزائر الموقع سنة 2015.

وأوردت وسائل إعلام مالية أن الرئيس الانتقالي، الجنرال عاصيمي غويتا، تسلم خلال الأيام الأخيرة الوثيقة الجديدة، التي جاءت ثمرة مشاورات وحوار وطني امتد من فبراير 2024 إلى يوليو 2025، وشارك فيه ممثلون عن الحكومة والمجتمع المدني وعدد من الفاعلين المحليين، بإشراف رئيس الوزراء الأسبق عثمان إيسوفي مايغا، الذي عاد من التقاعد لتولي هذه المهمة التي وصفت بـ”نداء للوطن”.

وينتظر أن يصادق المجلس الوطني الانتقالي على الميثاق الجديد في صيغته التشريعية قريبا، على أن يواكب تنفيذه بإحداث مرصد خاص لتتبع تطبيق بنوده في مجالات المصالحة والتماسك الاجتماعي والتنمية المتوازنة.

وبحسب الصحافة المحلية، ترى السلطات المالية أن الوثيقة الجديدة تعكس “الواقع الوطني الحالي” وتجسد “خطوة تاريخية نحو السيادة الوطنية”، كما وصفها غويتا، رغم استمرار التحديات الأمنية الكبيرة، خاصة في شمال البلاد ووسطها، حيث تنشط جماعات طوارقية متمردة وتنظيمات إرهابية منذ أكثر من عقد.

ويأتي هذا التحول بعد انسحاب مالي رسميا من اتفاق الجزائر العام الماضي، متهمة الجزائر بإيواء مسلحين طوارق والتغاضي عن هجمات تنطلق من أراضيها ضد أهداف مالية. ورغم عرض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مؤخرا التوسط مجددا، قوبل العرض بصمت من باماكو، في مؤشر واضح على انعدام الثقة بين الجانبين.

ويرى مراقبون أن تبني مالي لمسار داخلي مستقل يعكس رغبتها في التحرر من النفوذ الجزائري، لا سيما بعد ما اعتبر فشلا لاتفاق 2015 في تحقيق الاستقرار. كما يأتي هذا التطور في سياق إقليمي جديد تشهده منطقة الساحل، أبرز ملامحه تشكيل “تحالف دول الساحل” الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وتقارب متزايد مع المبادرة الأطلسية المغربية التي تسعى إلى تحقيق التنمية والأمن في المنطقة بعيدًا عن الوصايات التقليدية.

وفي سياق متصل، أعلنت السلطات المالية قبل يومين عن حجز شحنة أسلحة كانت موجهة إلى تنظيم إرهابي ينشط داخل البلاد، متهمة بلدا مجاورا بتسهيل تمريرها. واعتبر مراقبون أن الاتهام موجه ضمنيا إلى الجزائر، التي تتهمها مالي منذ شهور بدعم جماعات تعتبرها إرهابية وتهدد أمن البلاد انطلاقا من المناطق الحدودية المشتركة.