أظهر التقرير السنوي للإشراف البنكي الصادر عن بنك المغرب أن عدد البطاقات البنكية المتداولة في المغرب بلغ 22.6 مليون بطاقة سنة 2024، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 12% مقارنة بالسنة السابقة، وهو رقم يفوق بكثير ما هو متداول في الجزائر التي لا يتجاوز عدد بطاقاتها البنكية 12 مليون بطاقة، أي أقل بحوالي 90% مقارنة بالمغرب.
رغم هذا التفوق العددي، إلا أن واقع استخدام هذه البطاقات يبرز استمرار سيطرة ثقافة الدفع النقدي على المعاملات اليومية في كلا البلدين. فحسب البيانات، حوالي 86% من العمليات التي تتم عبر البطاقات البنكية في المغرب تخص سحب النقود، مقابل 88% في الجزائر، مما يعني أن نسبة المدفوعات الإلكترونية لا تتجاوز 14% فقط في المغرب، وهي نسبة متواضعة بالرغم من التطور الكبير في عدد البطاقات.
يعزى هذا الإقبال على السحب النقدي إلى عوامل متعددة، منها العادات الاستهلاكية الراسخة، خصوصا في المناطق القروية، وضعف الوعي أو الثقة في وسائل الدفع الإلكتروني، رغم الجهود الحكومية والمصرفية الرامية إلى تشجيع التحول الرقمي.
في هذا الإطار، شرع بنك المغرب في تنفيذ إصلاحات جوهرية على الإطار التنظيمي للمؤسسات والخدمات المتعلقة بالدفع، بهدف تعزيز منظومة الدفع الإلكتروني، والحد من الاعتماد على النقود، خاصة في الأوساط القروية. وشملت هذه الإصلاحات فتح المجال أمام فاعلين جدد في السوق، وتوحيد قواعد الترخيص والرقابة، فضلاً عن فصل الأنشطة التنافسية عن الخدمات العمومية.
كما أطلق المغرب، منذ 2018، خدمة الدفع عبر الهاتف المحمول “M-Wallet”، التي تهدف إلى تسهيل عمليات الدفع الإلكتروني وزيادة انتشارها بين المواطنين.
ومع ذلك، تؤكد البيانات أن التحول الرقمي في القطاع البنكي المغربي لا يزال بطيئاً، ويتطلب المزيد من الوقت والاستثمارات، إلى جانب تغيير في الثقافة السائدة للمستهلكين، ليصبح الدفع الإلكتروني سلوكاً يومياً وليس مجرد خيار بديل.
في المقابل، تعكس الجزائر وضعا مشابها من حيث قلة استخدام المدفوعات الإلكترونية رغم قلة عدد البطاقات، ما يؤكد أن تحدي تقليص الاعتماد على النقد هو مشترك بين البلدين، ويحتاج إلى استراتيجيات متكاملة تجمع بين التكنولوجيا، التنظيم والتوعية الثقافية.