في ظل غياب قاعدة بيانات صحية دقيقة وشفافة، تتفاقم معاناة الجزائريين مع الأمراض المزمنة، وعلى رأسها أمراض الروماتيزم، التي تسجل ارتفاعاً مقلقاً في عدد الإصابات، دون أن تكون لدى منظمة الصحة العالمية أو السلطات الصحية الجزائرية خارطة واضحة لهذه الأمراض، نتيجة لغياب الإحصائيات الدقيقة والعمل المخبري المستمر.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر طبية رسمية أن مصلحة أمراض الروماتيزم بمستشفى دويرة تسجل شهرياً ما بين 80 إلى 100 حالة إصابة جديدة، غالبيتها تتعلق بالتهاب المفاصل المزمن والروماتيزم الالتهابي، بما في ذلك الحالات التي تم رصدها لدى الأطفال.
وأوضحت البروفسور شفيقة حويشات، رئيسة المصلحة، خلال اليوم الجزائري السادس لأمراض الروماتيزم، أن أحد أبرز أسباب هذه الزيادة يعود إلى التأثيرات المناعية السلبية التي خلفها فيروس “كوفيد-19″، مشيرة إلى أن عدداً من المصابين الجدد ظهرت عليهم أعراض روماتيزم مماثلة لتلك المرتبطة بالحالات الالتهابية المزمنة. ودعت إلى ضرورة إجراء دراسة علمية شاملة لتحديد ما إذا كانت الإصابات مرتبطة بالإصابة السابقة بكورونا أو بالتلقيح ضد الفيروس، مؤكدة أن معطيات دقيقة بخصوص علاقة المرض بالتلقيح لا تزال غير متوفرة.
ومن جهته، حذر الدكتور بلال بلخام، رئيس مؤسسة “عناية” لالتهاب المفاصل، من تدهور الوضع الصحي لمرضى الروماتيزم في الجزائر، خصوصاً مع انقطاع الأدوية من حين إلى آخر، وهو ما يدفع المرضى إلى التوقف عن العلاج، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تفقدهم القدرة على الاستجابة للعلاج مستقبلاً.
وسلط بلخام الضوء على نوع خطير من أمراض الروماتيزم، وهو “الروماتيزم الصدفي”، الذي وصفه بأنه أحد أكثر الأنواع فتكا، نظرا لتأثيره الشامل على عدة أعضاء حيوية في الجسم، مما يؤدي إلى تعطيل وظائفها.
وتعاني المنظومة الصحية في الجزائر أيضا من أزمة ثقة متفاقمة، إذ يفضل أغلب المرضى الأدوية المستوردة على تلك المصنّعة محلياً، رغم تأكيد السلطات أن الأخيرة تخضع لمعايير الجودة العالمية. إلا أن هذه الشكوك المستمرة من طرف المواطنين تؤثر على فعالية العلاج والمتابعة الصحية.
كل هذه المؤشرات تدق ناقوس الخطر بشأن الواقع الصحي المرتبط بأمراض الروماتيزم في الجزائر، وتؤكد الحاجة الملحة إلى دراسات علمية معمقة، وإلى تفعيل منظومة رعاية صحية تضمن الدواء والشفافية والثقة.