زايوبريس

شاركها

ارتفاع أسعار الفواكه الموسمية يثقل كاهل المغاربة

شهدت الأسواق المغربية في الأسابيع الأخيرة ارتفاعا كبيرا في أسعار الفواكه الموسمية، تزامنًا مع حلول فصل الصيف، الأمر الذي أثار استياء المستهلكين وأثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الغلاء وتداعياته على المستويات الاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا السياق، قدم المحلل الاقتصادي خالد أشيبان، قراءة تحليلية شاملة حول هذه الظاهرة، مسلطًا الضوء على العوامل المتداخلة التي أدت إلى هذا الوضع، ومقدمًا مجموعة من المقترحات لتجاوز الأزمة.

حيث أوضح أشيبان أن هذا الارتفاع لا يمكن فصله عن سلسلة من الأسباب المترابطة، أبرزها التوجه المتزايد نحو التصدير خلال السنوات الأخيرة، مما قلّص من حجم الكميات المعروضة في السوق الوطنية وخلق نوعًا من الندرة ساهم بشكل مباشر في رفع الأسعار.

ورغم أن هذا التوجه يسهم في جلب العملة الصعبة، إلا أنه يضغط بشدة على القدرة الشرائية للمواطن، خصوصًا في ظل محدودية الإنتاج الفلاحي الناتجة عن الجفاف المتكرر الذي ضرب البلاد في المواسم الماضية، وتأثيره على مردودية القطاعات الفلاحية، خصوصًا في الحبوب والخضر. وأضاف أن كلفة الإنتاج ارتفعت بدورها بفعل الزيادات المسجلة في أسعار الأسمدة والبذور والمبيدات، وهو ما زاد من الأعباء على الفلاحين وانعكس على الأسعار النهائية التي يدفعها المستهلك.

وأشار أشيبان إلى أن ارتفاع الأسعار لا يعود فقط إلى ظروف مناخية أو اعتبارات تجارية، بل هناك أيضًا ممارسات غير قانونية تضاعف من حدة الأزمة، يقف وراءها وسطاء ومضاربون يسيطرون على قنوات التوزيع ويتلاعبون بالأسعار بعيدًا عن منطق السوق وقواعد المنافسة الشريفة. وأبرز أن الحكومة لم تنجح إلى حدود الساعة في ضبط هذه الشبكات، مطالبًا بتفعيل آليات المراقبة وتشديد الرقابة على مسالك التوزيع، حتى لا يبقى المستهلك ضحية لفوضى السوق.

وعلى المستوى الاجتماعي، اعتبر أشيبان أن هذه الموجة من الغلاء تمس بشكل مباشر الأسر ذات الدخل المحدود، التي لم تعد قادرة على اقتناء الفواكه كما في السابق، بعدما تحولت من منتج غذائي يومي إلى سلعة كمالية لا يقدر عليها إلا القليل. وأكد أن بعض الفواكه باتت تُعرض بأسعار تتجاوز 15 أو حتى 25 درهمًا للكيلوغرام، وهو مبلغ يعجز عنه المواطن البسيط الذي يعيش على أجر يومي. كما حذر من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يؤثر سلبًا على الأمن الغذائي للأسر الفقيرة، ويكرس فجوة غذائية بين الطبقات، خصوصًا مع تراجع تنوع المائدة المغربية لصالح منتجات أقل تكلفة وأكثر فقرًا من حيث القيمة الغذائية.

وفي حديثه عن الحلول، شدد أشيبان على أن المطلوب اليوم هو اتخاذ إجراءات هيكلية عميقة تهم إصلاح منظومة التوزيع، وتنظيم المسار الذي تقطعه المنتجات الفلاحية من الضيعات إلى المستهلك النهائي، عبر قنوات شفافة تخضع للمراقبة الفعلية. كما دعا إلى إعادة هيكلة أسواق الجملة بشكل جذري، للحد من التلاعب وضمان عدالة في التسعير.

وأشار إلى ضرورة مراجعة منطق التصدير بعقلانية، خصوصًا في ظل الجفاف وندرة المياه، مؤكدًا أن تصدير الفواكه والخضر في هذا الظرف يعني عمليًا تصدير المياه، وهو أمر لا يتماشى مع مصلحة البلاد.

واعتبر أن المفارقة المؤلمة تكمن في كون بعض المنتوجات المغربية تباع في الأسواق الأوروبية بأقل مما تباع به داخل الوطن، داعيًا إلى تغليب المصلحة الوطنية، وضمان وفرة المنتوج وجودته وسعره المناسب، لأن الأمن الغذائي، في نظره، يجب أن يكون أولوية فوق كل اعتبار تجاري أو اقتصادي.