الوضوح

شاركها

ضغوط دولية على الجزائر لإحصاء محتجزي مخيمات تندوف

تواجه الجزائر ضغوطا متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية ودولية للموافقة على إجراء إحصاء دقيق لسكان مخيمات تندوف، الذين تديرهم جبهة البوليساريو بدعم سياسي وعسكري مباشر من السلطات الجزائرية، حيث جاءت هذه الدعوات المتكررة تزامنا مع إحياء اليوم العالمي للاجئين في 20 يونيو، في وقت تتزايد فيه الاتهامات للجزائر بعرقلة جهود الإحصاء خشية كشف الأرقام الحقيقية وعدد المستفيدين الفعليين من المساعدات الدولية.

ودعت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، في بيان رسمي، الجزائر إلى احترام التزاماتها بموجب اتفاقية جنيف لعام 1951، وضمان حق سكان المخيمات في التنقل وتسجيلهم رسميا كلاجئين، مؤكدة أن غياب الإحصاء يحرم الآلاف من وثائق الحماية الدولية، ويجعلهم عرضة للاستغلال والانتهاكات، خاصة في ظل تقارير متواترة عن توظيف المساعدات الإنسانية كورقة ضغط من طرف قيادة البوليساريو ضد المخالفين لها.

وترفض الجزائر رغم القرارات الأممية المتكررة، السماح بأي عملية تعداد رسمية، ما يعزز الشكوك حول تضخيم متعمد لأعداد اللاجئين في المخيمات، لأهداف سياسية ومالية، وفق ما أكدته تقارير صادرة عن الاتحاد الأوروبي ومنظمات إغاثة دولية، حيث تشير هذه المصادر إلى وجود تفاوت كبير بين الأرقام التي تقدمها الجزائر والبوليساريو، وبين الواقع على الأرض، ما يطرح علامات استفهام حول مصير المساعدات الموجهة للمخيمات.

ولا تزال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ممنوعة من إجراء أي إحصاء ميداني، رغم مطالبة مجلس الأمن مرارا بتمكينها من ممارسة مهامها القانونية، ما دفع المنظمة المغربية إلى دعوة المفوضية لتتحمل مسؤولياتها كاملة، وتمكين السكان من الحصول على بطاقة لاجئ تضمن الحد الأدنى من الحقوق، وفي مقدمتها حرية التنقل.

وفي السياق ذاته، حذرت تقارير حقوقية من أن المخيمات تحولت إلى بيئة مغلقة ومعزولة، تستغلها البوليساريو لتجنيد الشباب، وسط غياب الرقابة وانعدام الشفافية، كما أشار نشطاء صحراويون إلى أن العراقيل المفروضة على الإحصاء تخفي واقعًا هشا داخل المخيمات، وتبقي آلاف الصحراويين تحت هيمنة قيادة غير منتخبة تستفيد من الوضع القائم.

ويضع هذا الملف الجزائر في مواجهة تساؤلات قانونية حول مسؤوليتها كدولة مضيفة، ومدى التزامها بالاتفاقيات الدولية المتعلقة باللاجئين، حيث يؤكد مراقبون أن أي تسوية مستدامة لنزاع الصحراء لا يمكن أن تتحقق دون إحصاء دقيق يفرز الهوية القانونية لسكان المخيمات، ويحدد من يحق له المشاركة في أي حل سياسي مستقبلي، خصوصا في ظل المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تحظى بدعم دولي متزايد.

ومع تنامي الانتقادات لوضعية حقوق الإنسان في الجزائر والمنطقة المغاربية، برز المغرب كاستثناء من خلال سياسة هجرة ولجوء ترتكز على احترام الحقوق والالتزامات الدولية، حيث تستقطب المملكة أعدادا متزايدة من طالبي اللجوء، لا سيما من إفريقيا جنوب الصحراء، في ظل ما وصفته منظمات حقوقية بـ”الانتهاكات الجسيمة” التي يتعرض لها اللاجئون في الجزائر وتونس وليبيا، بما في ذلك الطرد الجماعي والاعتداءات العنصرية.

ويأتي تصاعد الضغوط على الجزائر في وقت تشهد فيه قضية الصحراء المغربية تحولات جوهرية، مع توالي الاعترافات بالمقترح المغربي وتراجع التأييد لمواقف البوليساريو، إذ اعتبر خبراء أن إصرار الجزائر على رفض الإحصاء يهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن، وتأجيل أي حل نهائي للنزاع، رغم أن المعطيات الدولية تشير إلى أن ميزان القوة بدأ يميل لصالح الرباط.