زايوبريس.نت/محمد العلوي
في مشهد يلخص العبث والتمييز في توزيع الثروة المائية، تعيش ساكنة جماعة حاسي بركان، بإقليم الناظور، عطشاً خانقاً دام لأكثر من شهرين بسبب قلة الماء ، وسط صمت مطبق من الجهات المسؤولة، ومعاناة تتفاقم مع كل يوم صيفي قائظ ، في دواوير مثل أولاد أحمد بن علي، حيث يتحول البحث عن الماء إلى مهمة يومية مرهقة .
ورغم هذه الأزمة الحادة، تفجرت فضيحة أخلاقية وقانونية صادمة، كشفت عن استغلال سافر لماء الشرب العمومي من طرف شخص نافذ في المنطقة. فبينما يعاني السكان في الحصول على دلو ماء، وثّقت شهادات محلية متطابقة قيام هذا الشخص بملء صهريجه الخاص بماء الشرب من الشبكة العمومية، مستغلاً غياب الرقابة والمحاسبة .
ما يثير الصدمة أكثر هو سعة السهريج المستخدم؛ فبينما تبلغ الطاقة الاستيعابية للـصهريج التابع لشركة الماء والطاقة (ONEE) نحو 520 طن، فإن الصهريج الخاص بالشخص المتورط تصل سعته إلى 300 طن، وهو رقم ضخم بالنظر إلى حجم الخصاص الذي تعاني منه الساكنة، إذ يمكن لكمية كهذه أن تغطي حاجيات مئات الأسر لعدة أيام .
ولم يتوقف الاستغلال عند هذا الحد، إذ أشارت مصادر محلية إلى أن الماء الذي يتم جلبه بهذه الكمية لا يُستخدم لأغراض إنسانية، بل يُوجَّه لري ضيعات فلاحية بالزيتون الخاصة أو لأغراض تجارية، وهو ما يشكل خرقًا فاضحًا للقانون وتعديًا على حقوق السكان .
يقول أحد أبناء أحد الدواوير ان الساكنة تعاني من نقص الماء والتي يدفعنا لتنقل مع أطفالنا في حر الشمس بحثًا عن الماء، في حين هناك من يملأ مئات الأطنان بمباركة الصمت الرسمي .
الصمت الذي تقابل به السلطات المحلية هذه الانتهاكات يُثير الشكوك حول احتمال وجود تواطؤ، أو على الأقل تقاعس يرقى إلى درجة الإهمال الإداري الجسيم. فقد ظل هذا الوضع قائمًا لأيام دون تدخل، رغم علم الساكنة ومسؤولي الجماعة به .
يطالب دواوير حاسي بركان، ومعهم عدد من الفاعلين الجمعويين، بـفتح تحقيق نزيه وشفاف، وتحديد المسؤوليات، ومحاسبة كل من تورط في تحويل مياه الشرب العمومية إلى مصالحه الخاصة، دون أدنى مراعاة للأزمة الإنسانية التي تعيشها المنطقة .
“العدالة في الماء يجب أن تكون خطًا أحمر، ومن خانها يجب أن يُحاسب، ولو كان من علية القوم”، يقول أحد النشطاء المحليين .
عندما تصبح مياه الشرب التي يفترض أن تكون حقاً للجميع تصبح وسيلة يُحتكر بها النفوذ، ويُغضّ الطرف عن من ينهبها، بينما تتعطش الد الدواوير بجماعة حاسي بركان فإننا أمام انهيار أخلاقي قبل أن يكون أزمة تدبير ،فهل من محاسبة؟ أم أن 300 طن ماء تمر دون مساءلة؟