زايوبريس.نت
تشهد مدينة زايو في الآونة الأخيرة حملة واسعة لتحرير الملك العام، تقودها السلطات المحلية بتنسيق بين جماعة زايو، الشرطة الإدارية، أعوان السلطة، العمال العرضيين، القوات المساعدة، والأمن الوطني. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود تنظيم المجال العام، وإعادة الاعتبار لجمالية المدينة وحق المارة في فضاء حضري منظم وآمن.
لكن، وبينما تلقى الحملة ترحيباً من شريحة من المواطنين، فقد أثارت في الوقت ذاته جدلاً واسعاً وانتقادات لاذعة، لا سيما حول طريقة تنفيذها وانتقائيتها، ما يطرح أسئلة ملحة حول مدى عدالتها واستدامتها.
تأييد مشروط… ومخاوف من المحاباة
يشترك كثير من سكان المدينة في الاعتراف بأن احتلال الملك العام بات ظاهرة مقلقة، خصوصاً في الأحياء التجارية التي تعرف ازدحاماً كبيراً. فالممرات المحاذية للمحلات والمقاهي تتحول في كثير من الأحيان إلى امتداد غير قانوني للنشاط التجاري، ما يعوق حركة المواطنين ويشوه المنظر العام.
إلا أن هذا التأييد لا يخلو من التحفظات، حيث يشدد المواطنون والتجار على ضرورة أن تكون الحملة شاملة وعادلة، دون استثناءات أو محاباة لأي جهة، حتى لا تتحول من خطوة تنظيمية إلى ممارسة انتقائية تثير التوتر وتكرّس اللامساواة.
“الشراوط” بدل “البيشان”: حلول مرتجلة أم تشويه ممنهج؟
من أكثر النقاط التي فجّرت الجدل، طريقة تعامل السلطات مع الواجهات التجارية، المعروفة محلياً بـ”البيشان”، والتي تم تفكيكها وتعويضها بـ”الشراوط” – وهي أغطية قماشية مؤقتة تستخدم كحماية من الشمس.
ورغم أن هذه الخطوة هدفت للحد من التعدي على الرصيف، فإنها خلفت موجة من الانتقادات، حيث اعتبرها العديد من التجار والمواطنين تشويهاً بصرياً لا يقل ضرراً عن مظاهر الاحتلال السابقة. كما عبّر بعض التجار عن اضطرارهم للجوء إلى هذه الحلول المرتجلة حمايةً لزبنائهم من حرارة الصيف، خاصة في غياب بديل حضري منظم يراعي واقعهم الاقتصادي.
تساؤلات حول البدائل: هل هناك رؤية حضرية مستدامة؟
في ظل هذه التطورات، يبرز تساؤل جوهري: ما هو البديل الحضري الذي تقدمه الجماعة المحلية؟ وهل هناك تصور لتصاميم موحدة تحافظ على جمالية المدينة وتمنح للتجار هامشاً مقبولاً لممارسة نشاطهم التجاري بشكل قانوني ومنظم؟
الخشية المطروحة اليوم أن تتحول “الشراوط” إلى مظهر فوضوي دائم، يعمّق من اختلالات المشهد العمراني بدلاً من تصحيحه، في غياب رؤية تخطيطية واضحة وتشاركية.
توصيات لمقاربة متوازنة
لإنجاح هذه المبادرة وتحقيق التوازن بين متطلبات التنظيم وواقع النشاط الاقتصادي، تقترح عدد من الفعاليات المدنية والتجارية جملة من التوصيات:
1. اعتماد تصاميم موحدة للمظلات تتماشى مع الطابع المعماري للمدينة وتحترم الملك العام.
2. تنظيم لقاءات تشاورية مع الفاعلين المحليين من تجار وأرباب مقاهي للتوافق على حلول عملية.
3. تفعيل الشرطة الإدارية بشكل منصف، بما يضمن احترام القانون دون انتقائية.
4. تقديم بدائل مرنة ومدعومة للفئات المتضررة، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
خلاصة: الحملة إيجابية… لكن التنفيذ يحتاج مراجعة
لا شك أن تحرير الملك العام يمثل خطوة ضرورية لتحسين جودة الحياة في مدينة زايو، لكن نجاح هذه الحملة لن يتحقق إلا من خلال مقاربة شمولية عادلة، تراعي البُعد الجمالي، والاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية، وتبني جسور الثقة والتشارك بين السلطات والمواطنين.