الوضوح

شاركها

الجزائر تبلع لسانها أمام دعم لندن وواشنطن لمغربية الصحراء

في سلوك غير معتاد، اختارت الجزائر مجددًا الاكتفاء ببلاغ “تعبير عن الأسف” بدلًا من نهجها التقليدي بسحب السفراء، وذلك على خلفية المواقف الأخيرة الداعمة لمغربية الصحراء، الصادرة عن كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

ورغم أن النظام الجزائري اعتاد في السابق الرد بقوة على مثل هذه المواقف، خاصة من دول أوروبية مثل إسبانيا وفرنسا، إلا أن وزارة الخارجية الجزائرية فضّلت هذه المرة التزام لهجة هادئة، ولم تتجاوز إصدار بلاغ باهت، عبرت فيه عن “أسفها” لإعلان لندن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل لنزاع الصحراء.

ويُعد هذا الموقف الثاني من نوعه في ظرف أشهر قليلة، بعد أن أعربت الجزائر في أبريل الماضي عن “الأسف” أيضاً، عقب تجديد واشنطن دعمها الصريح للمقترح المغربي، على لسان السيناتور البارز ماركو روبيو، الذي أكد التزام بلاده بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

صحيفة “ألجيريا تايمز” الجزائرية علّقت على هذا التراجع في لهجة الخارجية الجزائرية، معتبرة أن النظام يتفادى هذه المرة الدخول في أزمات دبلوماسية مع قوى دولية كبرى لها تأثير سياسي واقتصادي واسع، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، خاصة بعد فشل التصعيد السابق مع إسبانيا وفرنسا في تحقيق أي مكاسب، بل وتسبب في استمرار التوتر، خصوصاً مع باريس.

ويرى متابعون للشأن المغاربي أن هذا التحول في تعاطي الجزائر مع المواقف الدولية المؤيدة للمغرب يعكس تناقضًا صارخًا في سياساتها الخارجية، ويكشف عن براغماتية مصلحية تتجاوز الشعارات التي ما فتئت تروجها حول “الثبات” في دعم ما تصفه بـ”القضية الصحراوية”.

ويؤكد هذا المشهد السياسي المتغير أن الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء بات يضع الجزائر أمام خيارات دبلوماسية محدودة، ويفرض عليها مراجعة حساباتها في ضوء التوازنات الجيوسياسية الجديدة.