الوضوح

شاركها

المغرب يعزز شراكته الدفاعية مع الولايات المتحدة

تسجل الشراكة الدفاعية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية تطورًا نوعيًا بعد إدراج المملكة ضمن الدول التي ستشارك في برنامج تصنيع طائرات F-16 من الجيل الحديث. هذه الخطوة تأتي في وقت يعزز فيه المغرب تواجده في الصناعات الدفاعية المتقدمة، ما يعكس اهتمامه المستمر بتوسيع قدراته العسكرية عبر تطوير بنيته الصناعية المحلية في هذا القطاع الحيوي.

تعد الشراكة المغربية مع شركة “لوكهييد مارتن” الأمريكية، والتي بدأت منذ عام 1974، علامة فارقة في تاريخ التعاون الدفاعي بين البلدين. حيث كانت القوات المسلحة الملكية المغربية قد حصلت على أول طائرة C-130H Hercules، ومن ثم امتدت هذه العلاقة لتشمل مقاتلات F-16 وغيرها من المعدات العسكرية المتطورة. هذه الشراكة لم تقتصر على التوريد فقط، بل تشمل أيضًا تبادل الخبرات والتكنولوجيا، وهو ما يشكل أساسًا لتطوير صناعة الدفاع المحلية.

إدراج المغرب في برنامج تصنيع طائرات F-16 من الجيل الحديث يأتي بعد توجيه الحكومة الأمريكية، بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة، الترخيص لتصدير مواد دفاعية تشمل البيانات التقنية والخدمات المرتبطة بها. وتبلغ القيمة الإجمالية لهذه الصادرات ما يتجاوز 50 مليون دولار، ما يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الصناعة الدفاعية المغربية ودعم قدراتها التقنية.

المغرب ليس وحده في هذا المشروع، إذ يشارك في المبادرة العديد من الدول الشريكة مثل كوريا الجنوبية والإمارات وإيطاليا. هذا التنوع في الشركاء يعكس التوجه العالمي نحو تعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والتقنيات المتقدمة. وتستند هذه المبادرة إلى مبادئ قانونية وتنظيمية تشمل موازنة الجوانب السياسية والعسكرية وحقوق الإنسان، ما يعزز من الشفافية والمصداقية في هذا النوع من التعاون.

وتزامنًا مع هذه المبادرة، أبدت شركة “لوكهييد مارتن” رغبتها في تعزيز شراكتها مع المغرب في مجال التصنيع الدفاعي، حيث أُطلقت استراتيجية عالمية تهدف إلى دمج الموردين المحليين في سلسلة التوريد الدولية. في هذا السياق، أجرى وفد رفيع المستوى من الشركة الأمريكية زيارة للمغرب، حيث التقى مع شركات صناعية محلية في الدار البيضاء، مثل TDM Maroc وSABCA Maroc وCollins Aerospace RFM وExxelia Maroc، بهدف رفع مستوى التصنيع المحلي وتوسيع نطاق التعاون في الصناعات الدفاعية.

هذه الشراكة لا تعكس فقط التزام المغرب بتعزيز قدراته الدفاعية، ولكنها أيضًا تسهم في تحقيق أهدافه على مستوى الاعتماد الذاتي في الصناعات العسكرية. فالمغرب، من خلال القانون رقم 10-20 المتعلق بإنشاء قاعدة وطنية للصناعة الدفاعية، يسعى إلى تعزيز قدراته في تصنيع وصيانة المعدات العسكرية، وخاصة طائرات F-16، وهو ما يساهم في تقوية الأمن الوطني ويعزز مكانته الاستراتيجية في منطقة شمال إفريقيا والمجال الأورو-متوسطي.

إدراج المغرب في برنامج تصنيع طائرات F-16 يعد بمثابة اعتراف عملي بنجاح المملكة في بناء بنية تحتية صناعية متطورة قادرة على دعم الصناعات الدفاعية. من المتوقع أن تفتح هذه الخطوة آفاقًا جديدة أمام المغرب في مجالات الصيانة والتجميع والتصنيع المحلي لمكونات طائرات F-16، مما يعزز من قدرة المملكة على الاضطلاع بأدوار استراتيجية في المنطقة، ويضعها في موقع قوي في مجال الصناعات الدفاعية الحديثة.