الوضوح

شاركها

أمريكا تدفع نحو إنهاء نزاع الصحراء المغربية.

قال عمر هلال، المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، إن الولايات المتحدة الأمريكية أبدت رغبة واضحة وجدية في طي صفحة نزاع الصحراء المغربية بشكل نهائي. هذا التصريح يعكس تحولا ملحوظًا في الدينامية الدبلوماسية المحيطة بهذا الملف، ويعزز من موقع المغرب على الصعيد الدولي، خاصة في ظل التفاعل الإيجابي الذي تلقاه المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

وأشار هلال إلى أن واشنطن لم تكتفِ بإظهار النية السياسية فقط، بل عبرت أيضًا عن التزام فعلي بدعم الحل السياسي القائم على مبادئ الواقعية والجدية، وهو ما يشكل صدى للمقاربة التي ما فتئت الرباط تدافع عنها منذ سنوات.

ويأتي هذا الموقف الأمريكي في سياق إقليمي ودولي يتسم بتحولات كبرى، خاصة مع تعاظم التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، والتي تفرض على القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، الدفع نحو حلول نهائية ومستقرة للنزاعات المزمنة التي تعرقل التنمية والاستقرار.

وقد أكد هلال أن المغرب يأمل في أن تتوج هذه الدينامية الدبلوماسية بحل نهائي وشامل لهذا النزاع المفتعل، بما يمكن المملكة من الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء في نوفمبر 2025، في أجواء يطبعها الانتصار الدبلوماسي والاستقرار الوطني. ويعكس هذا التصور طموح المغرب في تجاوز مرحلة الجمود، والانخراط الكامل في مسار تنموي متكامل يشمل جميع أقاليمه، تحت مظلة السيادة الوطنية.

الموقف الأمريكي، كما أوضحه الدبلوماسي المغربي، ليس فقط دعماً سياسياً، بل هو اعتراف متجدد بمصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي باتت تحظى بقبول متزايد لدى المجتمع الدولي، باعتبارها الخيار الواقعي الوحيد الذي يراعي خصوصيات المنطقة ويضمن الحقوق والتنمية. وهو ما يتجلى في تأييد عدة عواصم دولية وازنة لهذا الطرح، وتزايد عدد القنصليات المفتوحة في مدينتي العيون والداخلة، تعبيرًا عن اعتراف فعلي بمغربية الصحراء.

وفي ظل هذا الزخم الدبلوماسي المتصاعد، تبرز الولايات المتحدة كلاعب رئيسي يمكنه توجيه مسار الحل النهائي، من خلال توظيف نفوذها داخل مجلس الأمن، ودفع الأطراف الأخرى نحو الانخراط الجاد في المفاوضات السياسية، على قاعدة الواقعية وليس الأوهام الانفصالية التي استنزفت المنطقة لعقود. كما أن الرؤية الأمريكية الجديدة تنسجم مع توجهات الإدارة الحالية التي تربط بين الأمن والتنمية، وتدعم الاستقرار الإقليمي كشرط أساسي لمواجهة التهديدات المشتركة، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية.

إن الرغبة الأمريكية في إنهاء نزاع الصحراء المغربية لا تعبر فقط عن إرادة دبلوماسية ظرفية، بل هي ثمرة لعمل مغربي متواصل ومتزن على مدى سنوات، استطاع أن يقنع المنتظم الدولي بعدالة قضيته، وبأن الحل الأمثل يكمن في صيغة متوازنة تضمن سيادة المغرب، وتحفظ كرامة الساكنة، وتفتح المجال أمام النمو والاندماج الإقليمي. وفي هذا السياق، يتضح أن العام 2025 قد يكون محطة مفصلية في مسار هذا النزاع، إذا ما تضافرت الإرادات، وانخرطت القوى المؤثرة في المجتمع الدولي في دعم المقاربة المغربية.

التحولات الحاصلة في مواقف عدد من الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تشير إلى أن المشروع الانفصالي يفقد تدريجياً داعميه التقليديين، لصالح رؤية جديدة تعلي من شأن الاستقرار والسيادة والوحدة الترابية. وهو ما يضع خصوم المغرب أمام واقع دبلوماسي جديد، يصعب تجاوزه أو الالتفاف عليه.

ختامًا، يبدو أن القضية الوطنية تشهد مرحلة نضج سياسي ودبلوماسي غير مسبوقة، تنبئ بقرب الحسم في واحد من أقدم النزاعات في القارة الإفريقية. وفي حال تحقق ذلك، فإن المغرب لن يحتفل فقط بذكرى المسيرة الخضراء، بل أيضًا بانتصار إرادة السلام، وانبثاق عهد جديد من التنمية في أقاليمه الجنوبية.