الوضوح

شاركها

تداعيات قرار منع ذبح إناث الأغنام على الكسابين الصغار

أثار قرار وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بمنع ذبح إناث الأغنام جدلًا واسعًا في أوساط الكسابين، خاصة الصغار منهم. وبينما تبرر الوزارة هذا الإجراء بضرورة الحفاظ على القطيع الوطني وتعزيز استدامة القطاع، يطرح العديد من المربين تساؤلات مشروعة حول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لهذا القرار، ومدى جاهزية الحكومة لمواكبة الفلاحين الصغار في مواجهة تحدياته.

بالنسبة للكسابين الصغار، يمثل بيع إناث الأغنام مصدر دخل رئيسي يتيح لهم تأمين معيشتهم اليومية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الأعلاف والرعاية البيطرية. ومع قرار منع الذبح، يواجه هؤلاء المربون معضلة حقيقية: كيف يمكنهم الحفاظ على القطيع دون دعم مالي يساعدهم على تجاوز الأزمة؟

ويطرح المربون عدة تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة ستقدم تعويضات أو إعانات مالية لتخفيف آثار القرار، خصوصًا أن كثيرًا منهم غير منخرطين في الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، ما قد يجعلهم خارج أي برامج دعم محتملة. كما يتساءلون عن التدابير البديلة التي ستتخذها الوزارة لمساعدتهم في توفير الأعلاف وضمان استمرارية نشاطهم.

ورغم إعلان وزير الفلاحة عن إجراءات عاجلة لحماية القطيع، إلا أن تفاصيل هذه التدابير لم تتضح بعد، ما يزيد من قلق المربين. فبينما تؤكد الوزارة أن القانون الجديد سينظم قطاع تربية المواشي من خلال آليات مثل تحسين النسل والتلقيح الصناعي، تبقى هذه الإجراءات بعيدة عن معالجة المشكلة الفورية التي يواجهها الكساب الصغير، والتي تتعلق بتأمين دخل يومي يضمن استمراريته.

إلى جانب القرار الحكومي، يعاني مربو المواشي من أزمة خانقة نتيجة الجفاف الذي استمر لسبع سنوات متتالية، ما أدى إلى تراجع أعداد رؤوس الماشية وتدهور المراعي الطبيعية. وفي هذا السياق، كان بيع الإناث إحدى الوسائل التي يلجأ إليها الكسابون لمواجهة الأزمات المالية وشراء الأعلاف، ومع منع الذبح، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا، مما قد يدفع بعض المربين إلى التخلي عن نشاطهم كليًا.

وأمام هذا الواقع، يطالب المربون الصغار الحكومة بوضع إجراءات واضحة وعملية تراعي أوضاعهم، ومن بين الحلول الممكنة:

-إطلاق دعم مالي مباشر لمساعدة المربين الصغار على تغطية تكاليف العلف والصحة البيطرية.

-توفير قروض ميسرة خاصة بالمربين غير المنخرطين في الجمعيات، حتى يتمكنوا من الحفاظ على القطيع.

-إنشاء آليات تسويقية بديلة تضمن بيع المنتوجات الحيوانية بأسعار عادلة دون الحاجة إلى بيع الإناث.

-دعم المراعي وإيجاد بدائل للأعلاف لمواجهة أزمة الجفاف االتي تعتبر هيكلية في بلادنا.

قد يكون منع ذبح إناث الأغنام خطوة ضرورية للحفاظ على القطيع الوطني وضمان استدامة القطاع، لكنه يبقى قرارًا ناقصًا إذا لم ترافقه تدابير ملموسة لدعم الفلاح الصغير، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها. إن نجاح هذا القرار يعتمد بالدرجة الأولى على مدى قدرة الحكومة على وضع سياسات تعوض المربين عن الخسائر المحتملة، وتضمن لهم سبل العيش الكريم في إطار استراتيجية متكاملة للنهوض بالقطاع الفلاحي.