الوضوح

شاركها

تونس.. احتقان سياسي وانهيار اقتصادي ينذران بانفجار اجتماعي وشيك

تشهد تونس وضعًا متأزمًا على كافة المستويات، حيث تتفاقم الأزمة الاقتصادية يومًا بعد يوم، بالتوازي مع حملة تضييق ممنهجة على الحريات وقمع المعارضة. وبينما تتوالى التحذيرات من “انفجار اجتماعي وشيك”، يبدو أن السلطة ماضية في نهج التفرد والاستبداد، دون تقديم أي حلول حقيقية للأزمة.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض قيمة الدينار، وعجز الحكومة عن تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين. ويزيد من حدة الأزمة القرار الحكومي الأخير بحظر التعامل بالشيكات المؤجلة، ما أدى إلى شلل في الدورة الاقتصادية وإفلاس العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

يضاف إلى ذلك تراجع الاستثمارات الأجنبية، وتوتر العلاقات مع المانحين الدوليين، خاصة بعد فشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي كان من المفترض أن يمد تونس بحزمة إنقاذ مالي. ومع استمرار ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، يجد المواطن نفسه أمام واقع معيشي صعب يزيد من حالة الاحتقان الاجتماعي.

ومنذ قرارات 25 يوليو 2021 التي منح فيها الرئيس قيس سعيّد نفسه صلاحيات استثنائية، دخلت البلاد مرحلة جديدة من القمع السياسي والتضييق على الحريات. فقد شنت السلطات حملات اعتقال واسعة استهدفت معارضين سياسيين، وصحفيين، ونشطاء حقوقيين، بتهم تتراوح بين “التآمر على أمن الدولة” و”نشر أخبار كاذبة”.

وفي ظل هذه الأوضاع، اضطر العديد من المعارضين إلى مغادرة البلاد، حيث يحاولون تنظيم صفوفهم في الخارج لمواجهة ما يصفونه بـ”الحكم الفردي”. لكن المعارضة، رغم انتقاداتها المستمرة للنظام، لا تزال تعاني من التشرذم والانقسام، وهو ما يضعف قدرتها على تشكيل بديل سياسي قادر على فرض التغيير.

وتشير العديد من المؤشرات إلى أن البلاد مقبلة على اضطرابات اجتماعية واسعة، مع تزايد الاحتجاجات والإضرابات في مختلف القطاعات، وارتفاع معدلات العنف في الملاعب والأماكن العامة. كما أن موجة الانتحارات الأخيرة في تونس تعكس حالة اليأس والإحباط التي تخيم على فئات واسعة من المجتمع.

ويرى مراقبون أن استمرار النظام في تجاهل مطالب المواطنين، والانشغال بتصفية الحسابات السياسية، سيؤدي لا محالة إلى انفجار اجتماعي قد يكون غير مسبوق في تاريخ البلاد.

ويرى معارضون أن الحل يكمن في العودة إلى المسار الديمقراطي، وفتح حوار وطني شامل يضم كل القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، للخروج من حالة الانسداد السياسي. كما يدعون إلى ضرورة وضع خطة اقتصادية عاجلة لإنقاذ البلاد من شبح الإفلاس، وإعادة ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد التونسي.

لكن في ظل تعنت السلطة، وغياب إرادة حقيقية للإصلاح، تبقى تونس عالقة في أزمة قد تتفاقم أكثر، لتضع البلاد أمام سيناريوهات مفتوحة على المجهول. فهل يستجيب النظام لتحذيرات الانفجار الاجتماعي، أم أنه سيواصل السير في طريق قد يؤدي إلى فوضى غير محسوبة العواقب؟