في مشهد صادم يعكس تردي الأوضاع المعيشية في الجزائر، اهتز الرأي العام على وقع فضيحة غذائية جديدة، بعدما تمكنت مصالح الشرطة بمدينة سطيف من ضبط مسلخ غير قانوني بحي عين السفينة، حيث تم حجز 20 حمارًا مسلوخًا كانت موجهة للأسواق المحلية مع اقتراب شهر رمضان.
ووفقًا لما أوردته صحيفة المصدر الجزائرية يوم الاثنين 24 فبراير 2025، فإن العملية الأمنية جاءت بعد بلاغ من عمال النظافة، ما أدى إلى مداهمة الموقع المشبوه والعثور على كميات كبيرة من لحوم الحمير المجهزة للبيع.
كما كشفت صحيفة النهار أن العملية أسفرت عن توقيف ثلاثة متهمين من عائلة واحدة، بينهم جزار معروف في حي 1014، حيث جرى إيداعهم الحبس المؤقت بموجب إجراءات المثول الفوري، وسط حالة من الذعر بين المواطنين الذين يخشون من تسلل هذه اللحوم إلى الأسواق دون علمهم.
ولم تعد مثل هذه الحوادث مفاجئة للجزائريين، بل باتت تتكرر بشكل مقلق، خصوصًا في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، ما يفتح المجال أمام تجار عديمي الضمير لاستغلال حاجة المواطنين ببيع لحوم غير صالحة للاستهلاك البشري.
ويشهد شهر رمضان عادةً زيادة في الطلب على اللحوم، مما يفاقم المخاوف من انتشار الغش الغذائي وغياب الرقابة الصحية، وهو ما يدفع مواطنين جزائريين إلى التعبير عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بتشديد الرقابة ومعاقبة المتورطين في هذه الجرائم الغذائية التي تهدد صحة المستهلكين.
ويرى متابعون أن تفشي هذه الظاهرة يرتبط مباشرة بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر، حيث أصبح المواطن عاجزًا عن تحمل أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، مما يدفع البعض إلى البحث عن بدائل أرخص، حتى وإن كانت غير آمنة.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن ضعف الرقابة وانعدام الإجراءات الصارمة ضد الغش الغذائي، فتح الباب أمام عصابات متخصصة في إغراق الأسواق باللحوم الفاسدة، مستغلة حاجة المواطنين، في ظل غياب حلول حكومية فعالة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب البلاد.
ويحذر الأطباء والمختصون من خطورة استهلاك لحوم الحمير وغيرها من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك البشري، إذ قد تتسبب في أمراض خطيرة مثل التسمم الغذائي والالتهابات المعوية المزمنة.
ورغم المخاطر الصحية البالغة، لا تزال السلطات الجزائرية عاجزة عن ضبط الأسواق بشكل فعال، حيث يواصل المواطنون مواجهة خطر تناول لحوم مجهولة المصدر، في ظل غياب رقابة صارمة تضمن جودة وسلامة المنتجات الغذائية.
وأثارت هذه الفضيحة موجة استياء واسعة، حيث دعا المواطنون إلى وضع حد لهذه الممارسات عبر فرض عقوبات صارمة على المتورطين، وتشديد الرقابة على المسالخ والأسواق، مع ضمان توفر اللحوم بأسعار معقولة لحماية المواطنين من الوقوع ضحية للغش الغذائي.
وتتكرر هذه الحوادث في بلد يُعد من كبار منتجي البترول والغاز، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة الجزائرية على توفير حياة كريمة لمواطنيها، وتأمين الغذاء بأسعار معقولة، بعيدًا عن مخاطر الغلاء الفاحش والغش الغذائي.
وفي ظل هذه الأوضاع، يجد المواطن الجزائري نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما مواجهة الجوع بسبب الارتفاع المهول في الأسعار، أو المخاطرة بصحته عبر استهلاك لحوم فاسدة، في مشهد يعكس تدهور الوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد.