الوضوح

شاركها

نحو عشرة ملايين تونسي مدعوون للتصويت في انتخابات رئاسية تبدو نتائجها محسومة

الوضوح/أ.ف.ب

شرع التونسيون، الأحد، في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، المتهم بـ”الانجراف الدكتاتوري”، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

بدأ الناخبون المسجلون، البالغ عددهم 9.7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحًا (7:00 ت.غ.) في أكثر من خمسة آلاف مركز، لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة. من المقرر أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقًا لهيئة الانتخابات.

من المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية “على أقصى تقدير” يوم الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

يتنافس سعيّد (66 عامًا) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عامًا)، والعياشي زمال، رجل الأعمال المهندس البالغ من العمر 47 عامًا والمحتجز بتهم “تزوير” تواقيع تزكيات.

لا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في عام 2019، يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين، حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وتعديل الدستور بين عامي 2021 و2022.

بعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصًا حزب النهضة الإسلامي المحافظ، الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

تندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون، ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ”الانجراف السلطوي” في بلد مهد ما سمّي “الربيع العربي”، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

يرى الخبير في منظمة “الأزمات الدولية” مايكل العيّاري أن “نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة”، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حيث بلغت نسبة المشاركة 11.7% فقط.

وأشار إلى أن “المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى كثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام”.

في خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى “موعد مع التاريخ”، قائلًا: “لا تتردّدوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات”، مضيفًا: “سيبدأ العبور، فهبّوا جميعًا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد”.

حملة باهتة

في المقابل، حذّر رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي، الجمعة، قائلًا: “في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات، إيّاكم والعبث بصوت التونسيين”.

كانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، كما كان عليه الحال في عام 2019.

يعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد “وجّه” عملية التصويت لصالحه، مشيرًا إلى أنه “يعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات”، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث، فهو زهير المغزاوي، الذي رفع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

تعرضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة، وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد، حين رفضت قرارًا قضائيًا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

تظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس، الجمعة، للتنديد بـ”القمع المتزايد”.

طالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، رافعين لافتات تصفه بـ”الفرعون المتلاعب بالقانون”، وسط حضور أمني كثيف.

يقول محمد، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل يبلغ من العمر 22 عامًا، لوكالة فرانس برس: “لا فائدة من الانتخابات” في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصًا غلاء المعيشة.

تشير إحصاءات منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن “أكثر من 170 شخصًا محتجزون بالفعل لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية” في تونس.