من فرط الافتقار إلى أي شيء ذي بال تستطيع الجزائر أن تقنع نفسها به أولا ثم تباهي به خلق الله من الأمم ثانيا، صارت الماكينة الرسمية تصدر الأوامر لجعل حتى الأخبار التافهة عناوين ومانشيطات.
ويجد الإحساس الدفين بالفقر في التاريخ وفي المنجز على الأرض تعبيراته في الصحافة الجزائرية وعناوينها وأسلوبها وإكثارها من النفخ والإطناب في كل حدث بسيط قد لا يستحق حتى النشر قبل الإشادة.
ولأن عين الدولة الجزائرية على المغرب سيما في ما يحققه من إقلاع وجذب للاستثمار الأجنبي كرؤوس أموال مباشرة وللأجنبي كسائح يزور المملكة ويصرف العملات الصعبة، قررت هي أيضا أن “تحتفل” بوصول أفواج غفيرة من الأجانب إلى ميناء عنابة يوم أمس الأحد قدر عددهم ب 139 سائحا أجنبيا.
تصوروا أن بضع عشرات من السياح الأجانب زاروا مدينة ما يصبحون حدثا كبيرا. وهذا سلوك طبيعي فمن يكون مشتاقا ليرى شيئا يعتبر كل شبح أو طيف صورة منه تثير الحبور.
وكان الله في عون من كلف بتحرير هذا الخبر غير القابل للتمطيط حين أضاف فقرة أخرى مستهلا إياها بفعل “كشف” وكأن الأمر سر أو سبق صحفي، فكتب “كشفت مصالح ولاية عنابة عبر منشور في صفحتها الرسمية على فيسبوك، عن رسو السفينة السياحية SH-DIANA بالمحطة البحرية لولاية عنابة، وعلى متنها 139 سائحا من جنسيات مختلفة”.
بقي سؤال مهم: هل غير السياح عملاتهم الصعبة في بلدانهم قبل المجيء إلى عنابة إلى الدينار الجزائري، أم وجدوا أن تلك العملة لا يعرفها العالم؟.