أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن النمو الاقتصادي للمملكة سيتأثر بالظروف المناخية القاسية، مشيرا إلى استقرار المساحات المزروعة من الحبوب في حدود 2,47 مليون هكتار فقط عوض 3,67 مليون هكتار خلال الموسم الفلاحي الماضي، أي بانخفاض ملحوظ بـ 33%، متأثرة بتعاقب سنوات الجفاف، ما جعل إنتاج الحبوب ينخفض بـ 43%.
وحسب التقرير المعنون بـ “التوقعات الاقتصادية لسنتي 2024-2025″، فإن الخزينة ستضطر للجوء إلى الاقتراض وتعبئة مصادر التمويل الداخلية والخارجية من أجل تغطية حاجياتها، وهكذا، سيواصل الدين الإجمالي للخزينة ارتفاعه سنة 2024، ليصل إلى %70,3 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %69,5 سنة 2023، حيث سيبقى حجمه في مستويات أعلى من تلك التي سجلها خلال الفترة التي سبقت الأزمة الصحية.
ارتفاع الدين الخارجي
وسيمثل الدين الداخلي للخزينة حوالي %52,7 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024، في حين سيناهز الدين الخارجي للخزينة %17,6 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024، ليمثل %25,1 من الدين الإجمالي للخزينة، وتبقى هذه المعدلات متماشية مع نطاق المحفظة المرجعية.
وأوضح المصدر ذاته أن الدين الخارجي المضمون من طرف الدولة سيتفاقم سنة 2024، نتيجة لجوء مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في أبريل الماضي إلى الاقتراض من أسواق السندات الدولية بقيمة 2 مليار دولار،ليصل بذلك الدين العمومي الإجمالي إلى حوالي %83,1 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024 عوض %82,5 سنة 2023.
وأشادت المندوبية بقرار بنك المغرب المتعلق بتقليص نسبة الفائدة بـ 25 نقطة أساس، معتبرة أن القرار سيساهم في تحسن الشروط التمويلية والانتعاش المرتقب للقروض البنكية للقطاع غير المالي خلال سنة 2024، مستفيدة من إنطلاق مشاريع البنية التحتية الكبرى.
تباطؤ الاستهلاك النهائي للأسر
وأوضح المصدر ذاته أن القروض على الاقتصاد زيادة بـ 4,9%، في حين أن القروض الصافية لمؤسسات الإيداع على الإدارة المركزية ستعرف انتعاشا بـ %1,6 بعد انخفاضها بـ %4,7 سنة 2023، كما سيعرف صافي الموجودات الخارجية سنة 2024 ارتفاعا بـ %6,2 ليتمكن من تغطية 5,1 أشهر من الواردات من السلع والخدمات، وبناء على تطور المقابلات الأخرى، ستعرف الكتلة النقدية نموا بوتيرة تناهز حوالي %4,8.
في ظل هذه الظروف، وبناء على زيادة الضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات بـ %6,8، سيسجل الناتج الداخلي الإجمالي نموا بـ%3 سنة 2024 عوض %3,4 المسجلة سنة 2023. وبالتالي، سيستقر التضخم، المقاس بالمستوى العام للأسعار في حدود%1,8 عوض%6,4 سنة 2023.
وبناء على تقرير المؤسسة فإن الأنشطة غير الفلاحية تستجل بدورها ارتفاعا بـ %3,6، مدعمة بتقوية الاستثمار وبانتعاش الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب، وستتعزز هذه الوتيرة أساسا بانتعاش قطاع البناء والأشغال العمومية وأنشطة المعادن وكذلك بتواصل دينامية أنشطة القطاع الصناعي والسياحي وقطاع النقل.
وأشار التقرير القطاع الثانوي سيعرف بدوره دينامية لتسجل أنشطته نموا بـ %4,1 سنة 2024 عوض %1,3 سنة 2023، حيث ستصل مساهمته في نمو الاقتصاد الوطني إلى نقطة واحدة عوض 0,3 نقطة خلال السنة الماضية.
وستسجل أنشطة القطاع الثالثي نموا بـ %3,4 سنة 2024، خاصة نتيجة ارتفاع الخدمات التسويقية بـ %3,5، ويعزى ذلك أساسا إلى النتائج الجيدة لأنشطة السياحة والنقل وكذلك إلى تطور الأنشطة المالية والعقارية، إذ ستعرف أنشطة قطاع السياحة ارتفاعا بـ%7,2 عوض%23,5 خلال السنة الماضية.
وتوقع المصدر ذاته أن يسجل الاستهلاك النهائي للأسر تباطؤا في وتيرة نموه لتنتقل من %3,7 سنة 2023 إلى %2,2 سنة 2024، حيث ستتتراجع مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي إلى حوالي 1,3 نقطة عوض 2,3 نقط سنة 2023.
وبناء على مواصلة نفقات الاستهلاك العمومي لديناميتها والتي سترتفع بـ %4,5 عوض %4,1 سنة 2023، سيعرف الاستهلاك النهائي الوطني زيادة ب%2,8 لتصل مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي إلى 2,2 نقط.
صادرات السيارات
وعلى مستوى التجارة الخارجية، أشارت المندوبية إلى أنها ستواصل الصادرات من المهن العالمية تعزيز منحاها التصاعدي، خاصة فيما يتعلق بصادرات السيارات ومنتجات صناعة الطائرات، نتيجة قوة واستقرار الطلب الخارجي، بالإضافة إلى ذلك، ستسجل الصادرات من الفوسفاط ومشتقاته زيادة ملحوظة، نتيجة انتعاش الطلب الوارد من الشركاء الرئيسيين وتداعيات القيود المفروضة على العرض في الأسواق الدولية، خاصة تلك المتعلقة بتصدير الفوسفاط الصيني.
وبالموازاة مع ذلك، سيعرف حجم الواردات من السلع زيادة بـ %8 عوض %6,5 سنة 2023، ويعزى هذا المنحى إلى ارتفاع الواردات من المنتجات الغذائية، خاصة من الحبوب، نتيجة استمرار تفاقم العجز في الإنتاج الوطني وإلى الزيادة في استيراد الحيوانات.
وأضاف التقرير أن الواردات من سلع التجهيز وأنصاف المنتجات ستسجل ارتفاعا، وذلك ارتباطا بالمنحى التصاعدي للاستثمار وبالنتائج الجيدة التي ستعرفها أنشطة الصناعات الموجهة للتصدير والتي تعتمد على السلع المستوردة.
وبناء على تراجع الضغوطات على أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، التي ستساهم في تقليص الفاتورة الطاقية، سترتفع قيمة الواردات بـ %2,8 عوض %2,7 سنة 2023، وبالمثل، ستسجل قيمة الصادرات زيادة بـ %5,4 عوض %0,1 خلال السنة الماضية، وبالتالي سيتراجع عجز الميزان التجاري من %19,5 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023 إلى%18,4 سنة 2024.
ومن المتوقع أن تبلغ المداخيل الجبائية حوالي %18,5 من الناتج الداخلي الإجمالي، مستفيدة من النتائج الجيدة التي ستعرفها مداخيل الضرائب المباشرة وغير المباشرة، كما ستعرف المداخيل غير الجبائية تحسنا لتصل إلى حوالي%3,8 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%2,8 كمتوسط سنوي خلال العقد الماضي.