الوضوح.كوم
تخليدا للذكرى الخمسين لوفاة زعيم التحرير المجاهد علال الفاسي رحمه الله، ترأس نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، مساء يومه الأحد 12 ماي 2024 بالمركز العام للحزب بالرباط، مهرجانا خطابيا وطنيا حول موضوع “الوطنية عند علال الفاسي : فكر وممارسة”، وذلك في ظل الحضور الوازن لكل من نجلي الزعيم الأخوين عبد الواحد الفاسي، وهاني الفاسي، وباقي أفراد أسرته الكريمة،، إلى جانب وزراء الحزب وعدد من برلمانيي ومنتخبي وأطر ومناضلي ومناضلات الحزب الذين حجوا من مختلف ربوع المملكة.
وبهذه المناسبة، تناول نزار بركة الكلمة، معربا في مستهلها عن سعادته بتجديد اللقاء مع العائلة الاستقلالية الكبيرة لتخليد هذه الذكرى العزيزة على قلوب ووجدان كل الاستقلاليات والاستقلاليين، إنها الذكرى الخمسون لرحيل زعيم التحرير علال الفاسي تغمده الله بواسع رحمته، التي تأتي تكريساً لسُنَّةٍ حميدة دَأَبَ حزبنا على إحيائها بانتظام وفاءا لروح زعيمه الخالد، وقائده الوطني المجاهد، وتقديرا لوطنيته المُلْهِمَةِ، وتضحياته المجيدة في سبيل حرية واستقلال وطنه، وكرامة مواطنيه وصَوْن ِحُرْمَةِ دينه وعقيدته وعزة أُمَّته، وتثميناً لِمَعِينِهِ الفكري الذي لا يَنْضُبُ، والذي أَلْهَمَ الأجيال المتعاقبة بحكم راهنيته، واستيعابه لسياقات العصر وتحولاته، وتطورات المجتمع وتَجَدُّدِ متطلباته.
كما اعتبر الأمين العام أن حزب الاستقلال يحيي اليوم الذكرى الذهبية لمرور 50 سنة على وفاة رجلٍ من معدنٍ ذهبيٍّ أصيل، تحت شعار: “الوطنية عند علال الفاسي: فكرٌ وممارسة”، وذلك حرصاً على إبقاء يَنْبُوعِه الفكري جاريا متدفقا في ذاكرة الوطن والحزب، وعلى مواصلة استحضار حضوره الفكري الخِصْبِ، المتشبع بالوطنية الحقة وروح الاجتهاد والتجديد، التي طبعت قضايا وطنه ومسار حياة أمته، وميزت أسلوب تعاطيه مع الأحداث والتطورات، وقدرته الخَلَّاقَةِ على التَّفَرُّدِ بطرح أفكاره وتصوراته، وهي موسومة بالجرأة والراهنية والاستباقية، معتبرا أن شعار هذه الذكرى، يندرج ضمن سياق هَبَّةٍ وطنية جامعة مطبوعة بِحِسٍّ وطنيٍ عارِمٍ، واعتزاز غير مسبوق بروابط الانتماء للوطن، برزت تجلياتُها في العديد من المناسبات والأحداث التي عاشتها بلادنا.
وأكد نزار بركة أن استحضار حزب الاستقلال اليوم، لمفهوم الوطنية عند الزعيم علال الفاسي، مَرَدُّهُ إلى تفرده بنموذجٍ قَلَّ نَظيره من الوطنية العابرة لكل قضايا الأمة التي عالجها بفكره المتجدد والمتنور، وهو النموذج الذي أضفى على الزعيم الراحل التَّمَيُّزَ والقدرة على التأثير في الأحداث والإسهام في صُنْعِهَا وتوجيه مَسَارِهَا، وجعل الأجيال تلو الأجيال تستلهم الدروس والعبر، وتَبقى مَدِينَةً له بما قدم لها من صِدْقِ التوجيه ونُبْلِ المقاصد، وسُمُوِّ الوطنية الحقة وقيمة روح الانتماء للوطن، حيث ارتبط اسمه بمسار الرعيل الأول للحركة الوطنية، وكان في مقدمة الماهدين الأوائل الذين غرسوا مبكرا بَذْرَةَ الوعي الوطني في صفوف المجاهدين والمقاومين وفي سائر شرائح المجتمع، متشبعا في ذلك بوطنية لا حدود لها وعزيمة وطنية قوية لتحرير الأرض والإنسان، وتحقيق كرامة المواطنات والمواطنين، وصَوْنِ الوحدة الوطنية والترابية وكل مقومات الإنسية المغربية، وإرساء دعائم التعادلية الاقتصادية والاجتماعية.
مضيفا أن إذكاء “الوطنية” كما يتخذها الزعيم علال الفاسي عَقِيدةً ومنهجاً، ويؤمن بها فِكراً وممارسةً، هي اليوم مذهبنا القَوِيمُ، الذي نحن في أمس الحاجة إليه، لمواكبة أوراش الإصلاح، التي يقودها بكل حكمة وتبصر جلالة الملك محمد السادس أيده الله، في مقدمتها ورش تعميم الحماية الاجتماعية وترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية والمبادرة الملكية للدعم الاجتماعي المباشر وغيرها من الإصلاحات الهيكلية التي تحتاج إلى منسوب عالٍ من روح الوطنية والمواطنة الحقة.
كما سجل الأمين العام أن الوطنية الحقة في فكر وسلوك الزعيم علال الفاسي رحمه الله ليست فقط قيمة ضمن منظومة العقيدة الاستقلالية التي ترتكز على ثوابت الأمة المغربية، ولكنها نسيج من القيم الخالصة المتضافرة التي لا تَشيخُ ولا تَفْنى، ولا تقبل التجزيئ أو الانتقائية، ولا يمكن التصرف فيها حسب الأحوال والظروف، مبرزا أن الوعي بالوطنية يبدأ بالفخر بالانتماء إلى الإنسية المغربية في تنوع مكوناتها وتعدد روافدها، وإلى تاريخ أمتنا الحافل بالإنجازات، والإيمان بأن المشروع المشترك الذي يجمع المغاربة هو الخَزَّانُ الذي منه نستمد القوة لمواجهة التحديات، وكسب الرهانات، وتحقيق النجاحات مهما بَدَتْ صعبةً أو بعيدةَ المَنَال.
وعبر نزار بركة عن اعتزازه بأن بلادنا تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس أيده الله، مبدع الوطنية المتجددة، ورائد تقوية روابط الانتماء للوطن قولا وفعلا، والساهر الأمين على تجذير روح المواطنة وترسيخ أسس التكافل والتماسك الاجتماعي، قد تحولت إلى نموذج متفرد على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وراكمت العديد من المكاسب والإنجازات والنجاحات، رفعت من سقف الروح الوطنية وتعزيز الشعور بالانتماء للوطن وتحصين الهوية والوحدة الوطنية.
وأكد الأمين العام على أن بلادنا تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك استنفرت صحوةِ وطنية متجددة، مرتكزة على الجدية والعمل والاجتهاد والنجاعة والابتكار، من أجل إرساء دعائم الدولة الاجتماعية بخصوصيتها المغربية، من خلال تنزيل الورش الملكي الطموح المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، الذي يُمَكِّنُ عمومَ المغاربة من التغطية الصحية والتأمين الإجباري على المرض وما يتطلبه من تأهيل للمنظومة الصحية الوطنية، والاستفادة من التعويضات العائلية وتوسيع قاعدة المستفيدين من التقاعد، والتعويض عن فقدان الشغل لحماية الأسر من الهشاشة والفقر، والدعم الاجتماعي المباشر فضلا عن دعم السكن، وهي الصحوة التي شكلت تحولا في المنظومة الاجتماعية لبلادنا، انتقلت بها بلادنا من منطق الإقصاء الاجتماعي إلى منطق الإنصاف والإدماج المجتمعي لفئات واسعة من الأسر المعوزة، للحد من الهشاشة والتوريث الجيلي للفقر، معربا عن اعتزاز حزب الاستقلال، الذي اختار تجسيدا للإرادة الشعبية أن يكون في الحكومة الحالية، كمكون أساسي فيها، بمساهمته الفاعلة في تنزيل هذه الإصلاحات الاجتماعية وفي تحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين وتحقيق كرامتهم.
مشيرا إلى الوعد الذي قطعه مع نجاح المؤتمر العام 18 للحزب، أن يعرف حزب الاستقلال انطلاقة جديدة بنَفَسٍ تنظيمي جديد، بهدف تحقيق الريادة المنشودة في المشهد السياسي والحزبي، وذلك عبر تطوير الأداء الحزبي وتحديث آليات الاشتغال، وتطوير العرض الاستقلالي، ليكون الحزب قادرا على مواكبة هذا الجيل الجديد من التحولات والإصلاحات الهيكلية التي تتلاءم إلى حد بعيد مع انتقالات المجتمع وتطوراته، وتستجيب لمتطلبات المرحلة وتطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين.
مردفا بالقول “ولنكون عند حسن ظَنِّ صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله، كما ورد في المنطوق الملكي، في برقية التهنئة الملكية التي بعثها جلالته إليَّ بمناسبة إعادة انتخابي أمينا عاما لحزب الاستقلال”، حيث قال جلالته: “كما نعرب لك عن متمنياتنا بكامل التوفيق، في مواصلة النهوض بمهامك الحزبية على أحسن وجه، من أجل تحقيق تطلعات هيأتك السياسية لتوطيد مكانتها في المشهد السياسي الوطني، وتعزيز اضطلاعها بمهامها الدستورية، بروح المسؤولية العالية والغيرة الوطنية الصادقة، بما يُسْهم في خدمة المصالح العليا للوطن والمواطنين”. (انتهى النطق الملكي السامي).
وسجل نزار بركة أن حزب الاستقلال، الذي كان حاضرا في جميع المحطات التاريخية التحررية والدستورية والديمقراطية والسياسية والتنموية لبلادنا، فاعلا ومؤثرا فيها، سيظل، انطلاقا من مسؤوليته السياسية والوطنية، وفيّاً لالتزاماته تُجاه الوطن والمواطنين، مخلصا للمقاصد النبيلة لوطنية الزعيم علال الفاسي بأبعادها المختلفة، مُعْتَزّاً بقيمه ومبادئه، مُتشَبثاً بمنظومة الأخلاقِ القَوِيمَةِ التي طبعت أدبياته ونظرياته وسلوكاته ومُخلصا لمرجعيته التعادلية التي تنتظم المشروع المجتمعي الاستقلالي الذي أَسَّسَ له الزعيم الراحل، مدافعا عن الأسرة المغربية وعن تقوية مكانتها وتماسكها باعتبارها المظهر الأهم لكيان المجتمع ودعامة وجوده ونَوَاةً لكل نُمُوٍّ وتطورٍ فيه، في ظل الثوابت الجامعة للأمة المغربية، ومنخرطا في مسار التطور والنماء وتحرير الإنسان والنهوض بمتطلبات الإنسية المغربية والوحدة الوطنية، مُعَبِّئاً كامل قُدُرَاتِه الجماعية في سبيل عزة الوطن وكرامة المواطنات والمواطنين في كل وقت وحين.
وشدد الأمين العام على حزب الاستقلال سيظل مؤتمنا على الدينامية التي انطلقت شراراتها مع النجاح الكبير الذي عرفه المؤتمر العام الثامن عشر للحزب، وعلى مُخرجاته الرفيعة الموسومة بِحِسِّكُمْ الوطني والنضالي العالي وغيرتكم القوية على حزبكم وإخلاصكم لقيمه ومبادئه وتَشَبُّتِكُمْ بإِعْلاَءِ مصلحته والتمسك بمناعته بما تقتضيه من وحدةٍ ورَصٍّ للصفوف تحت سقف البيت الاستقلالي المُحَصَّنِ، والهدف هو رِفْعَةُ وطننا وخدمة مواطنينا والارتقاء بمكانة حزبنا واستهداف صدارته في المشهد السياسي الوطني، بجديتنا ومصداقيتنا وثقة شعبنا في القيم الاستقلالية الأصيلة والفكر التعادلي المتجدد والمشروع المجتمعي الاستقلالي الذي أسس له الزعيم علال الفاسي رحمه الله