الوضوح

شاركها

الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي

وائل بورشاشن من أبو ظبي

بمشاعر جياشة، وتصفيقات متوالية، استقبلت قاعة إعلان الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها السابعة عشرة خبر تتويج رواية “قناع بِلَون السماء” للروائي الفلسطيني باسم خندقجي، الأسير في سجن من سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يزيد عن عشرين سنة.

تم هذا بحضور ناشرة الرواية المتوجة رنا إدريس، مديرة “دار الآداب”، وأخ الأديب الأسير، وفق ما أعلنت لجنة تحكيم الجائزة الأدبية الأبرز عربيا في مجال الرواية، في حفل احتضنته، مساء الأحد، العاصمة الإماراتية أبوظبي.

 

وقالت الناشرة رنا إدريس: “وددنا لو يكون باسم بيننا، هو بيننا، وودّ شكرَ الجائزة العالمية للرواية العربية، ومجلس أمنائها، وأعضاء لجنة تحكيمها، وعائلته البهية التي ساندته خلال 21 عاما من السجن، ويوسف خندقجي شريك حياته الثقافية اليومية، وأصرّ على ذكر الدار، والشكر أبدا ودائما للقراء”.

ثم خاطبته، غائبا حاضرا، من منصة الجائزة إلى سجنه: “أنت الأسير المقبل على الحرية، أنت دائما بيننا”.

أما نبيل سليمان، أديب سوري رئيس لجنة تحكيم الجائزة، فقال إن “الاختيار قد تم بالإجماع؛ لنقدم لكم رواية يمتزج فيها الشخصي بالسياسي بأساليب مبتكرة”، وهي تغامر في سردية جديدة تجمع “وعي الذات، ووعي الآخر، ووعي العالم”.

 

وتابع: “هذه رواية يتميز فيها بناء الشخصيات أيا تكن تناقضاتها، وتتعدد طبقاتها في بنائها الفني، وتتألق التجريبية، حيث يتفاعل البحث والثقافة الرحبة الرفيعة لتفكيك الواقع المعقد المرير”، الذي من بين مظاهره: التهجير والإبادة والعنصرية.

وفي هذه الرواية “التعبير عن القلق الوجودي، الفردي والجماعي، والهموم الحضارية والأسئلة الكونية، والصراع على التاريخ وفيه، كالصراع على المكان وفيه، هو صراع للسرديات، بقدر ما هو نشدان للقيم الإنسانية النبيلة”، وفيها “التاريخ والأسطورة، الحاضر والعصر، ويتوقّد فيها النبض الإنساني الحار ضد التوحش، كما توقدت فيها صبوات الحرية والتحرر من كل ما يشوه البشر”؛ لـ”تعلن الحب والصداقة هوية للإنسان فوق كل الانتماءات”.

ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، أكّد من جهته على دور الأدب بوصفه “عامل جذب”، يذكّرنا بأن “الهم واحد، والألم واحد، والآمال واحدة، ولا يمكن أن يتعافى الجسد الواحد إلا إذا تعافت كافة الأعضاء من ألفها إلى يائها”، في العالم الناطق بالضاد.

وقبل إعلان الرواية الفائزة، وجّه رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، التي يعرفها قراءٌ باسمها غير الرسمي “بوكر العربية”: “تحية للروائي باسم خندقجي الذي لم يستطع الوجود هنا لظروف آسرة تعلمونها جميعا”.

كما أردف معبرا عن مناه: “شروق الشمس في عالم يتحدى الظلام”، والحرية والخلاص للروائي، ولِغَزّة من حوله.

وكشف رئيس مجلس أمناء “الجائزة العالمية للرواية العربية” ما عاشته لجنة التحكيم من “ظروف نفسية ضاغطة للدورةِ، نعلمها جميعا”، كما حيّا هيئة الأدب والنشر والترجمة، التي استقبلت حفل الإعلان عن القائمة القصيرة في الرياض السعودية، ونوادي القراءة بالإمارات التي اجتمعت، السبت، في دبي، على “اهتمامها بالجائزة وقراءة رواياتها، ومستوى النقاش والتذوق الأدبي الذي كان في أعلى مستوياته”.

واستحضر ياسر سليمان محمدا الأشعري مثالا على دور الجائزة عربيا؛ “قال لي: قبل الجائزة (سنة 2011) كنت كاتبا مغربيا وبعدها صرت كاتبا عربيا وبعتُ من [القوس والفراشة] في الإمارات أكثر مما بعت في المغرب”.

وشدّد رئيس مجلس الأمناء على أن الجائزة “لا تحابي أحدا كان من كان، بل هي مدفوعة من قناعاتها بأن مهمتها اختيار الروايات المستحقة، وتتويج واحدة بينها، ولا تخاف اللجان في ذلك لومة لائم، بجهد تمحيص ونقاش منفتح على ما تقارب من الرؤى وما تباعد منها (…) والكل فاز، وإن فازت رواية واحدة من القائمة القصيرة فقط الليلة”.

وفي كلمة فلور مونتانارو، منسقة الجائزة العالمية للرواية العربية، ذكرت أن أكبر عدد ناشرين متقدمين للجائزة كان هذه السنة، وأكبر عدد كاتبات مشاركات أيضا. كما سجل ياسين عدنان، عضو مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، أن هذه الجائزة “يتعدد فرسانها دورة بعد الأخرى، وبهم تتجدد وتتفرد”، وأن لجنة تحكيمها عرفت “تفاوض رؤى مشتركة، هي نبراس لاختيار الأعمال التي يرون أنها الأجدر فنيا وجماليا، ولو أنهم من حساسيات مختلفة”.

وترأّس لجنة تحكيم هذه السنة الكاتب السوري نبيل سليمان، وضمّت أيضا الأكاديمي التشيكي فرانتيشيك أوندراش، والكاتب الصحافي السوداني حمور زيادة، والناقد الصحافي المصري محمد شعير، والكاتبة الأكاديمية الفلسطينية سونيا نمر.

يذكر أن دورة سنة 2024 عرفت ترشُّح 133 رواية من 16 بلدا، وحُدّدت القائمة الطويلة في 16 رواية، انتُخِبت من بينها 6 أعمال روائية في القائمة القصيرة، هي: رواية “الفسيفسائي” للمغربي عيسى ناصري، وروايتان من فلسطين المحتلة هما “سماء القدس السابعة” لأسامة العيسة و”قناع بلون المساء” لباسم خندقجي، ورواية من مصر لأحمد المرسي بعنوان “مقامرة على شرف الليدي ميتسي”، ورواية من سوريا بعنوان “خاتم سليمى” لريما بالي، ورواية من المملكة العربية السعودية لرجاء عالم بعنوان “باهبل: مكة Multiverse 1945-2009”.