الوضوح/ ذ عبد الحق حسيني
كلمة لا يعرفها من لم يركب القطار من الدرجة الرابعة أو كما كان يصطلح عليه الكاطريام أو الويستيرن،القطار الذي كان يقطع مسافة 600كلم من البيضاء الى وجدة في اكثر من12 ساعة إذا كنت محظوظا،من الثانية عشرة زوالا الى الثانية صباحا فما فوق.
هذا الصنف من القطارات كان يأوي كل الشرائح من لصوص و نصابين و عرافين و شحاذين و كانت بنيته لا تحميك من التقلبات الجوية،كل الشرائح بما فيهم السياح الهيبي الذين كانوا يبحثون عن أرخص الأثمنة طبعا في الفنادق و القطارات و حافلات نقل المسافرين الى ان قطعت عنهم الطريق خوصصة القطاع السياحي.
كل الشرائح باستثناء الميسورين الذين كانوا يركبون القطارات من الدرجة الأولى أو الثانية قطار غرف النوم.
صنف الدرجة الرابعة كان يعبره عند كل محطة أنواع مختلفة من الباعة الجائلين و المتنصلين من اداء اثمنة التذاكر،فترى مناورات من هنا و هناك بين هؤلاء و عناصر شرطة القطار.
نعود لقصتنا ،كان من بين الركاب في ذلك اليوم،متطوع أمريكي تم تعيينه بمدينة وجدة ،طبعا لم يكن يتقاضى أجره بعد،فركب من بين الراكبين ،و مع غروب شمس ذلك اليوم ،وصل القطار الى مدينة سيدي قاسم حيث ملتقى القطارات في كل الاتجاهات قبل مدينة فاس،إذا به يسمع صوتا ينادي اااااالبيض طايب عدة مرات،لم يكن صاحبنا يفهم دارجاتنا المختلفة و بالأحرى لم يسبق له أن سمع هذه الكلمة،استغرب و اندهش لأن الكلمة تقاطعت و تصادفت في مفكرته و ذاكرته بكلمة بالانجليزية “Bed time” و معناها وقت النوم .
اندهش و بدأ يسأل نفسه هل يطلبون من الناس ان يناموا في هذه الظروف؟ ام ان هناك مقطورات أخرى معدة للنوم ستنضاف لهذا القطار ؟بدأت الأسئلة تتناسل في مخيلته الى أن وقف عند رأسه رجل قوي البنية و اعاد الكلمة بهدوء “البيض طايب أمسيو” ،رأى عندها أنه يحمل سلة من قصب بها بيض ففهم انه يبيع البيض ابتسم في وجهه و قال له “شوكغاً” و كانت من بين قليل من الكلمات التي علموها له عند وصوله الى المغرب.
عبدالحق حسيني