الوضوح

شاركها

عبدالسلام مجلاوي:مرافعة من أجل دعم الالتزام في العمل السياسي والنقابي والجمعوي: الجزء الثاني :أهمية و دور العمل النقابي

مرافعة من أجل دعم الالتزام في العمل السياسي والنقابي والجمعوي:

الجزء الثاني :أهمية و دور العمل النقابي

 

عبدالسلام مجلاوي/كندا

 

 

انطلاقا من تجاربي الخاصة في هذا الميدان، سواء في القطاع الطلابي أو بعد التخرج  و الالتحاق بميدان العمل في الوظيفة العمومية، أولا (قطاع التجهيز والاشغال العمومية) و القطاع الخاص (قطاع البنوك) بعد ذلك، كانت ضرورة العمل النقابي تفرض نفسها من أول يوم وضعت قدمي في الجامعة وبعدها.

 

بالنسبة لنشاطي في أ وط م، لم يكن جديدا على الساحة الجامعية بعد مرحلة رفع الحظر الإداري عن المنظمة الطلابية العتيدة، وكان الانخراط وتحمل المسؤوليات النقابية شيئا طبيعيا نظرا للتجربة السابقة في أنشطة الشباب سياسيا وجمعويا.

 

ولاحظت منذ البداية أهمية التجربة التنظيمية وكيف تساعد على الثقة في النفس والقدرة على الاندماج والمساهمة بسرعة وسط القطاع الطلابي لفرض المطالب المادية والمعنوية على مستوى المؤسسة (INSEA  بالنسبة لي كما في كل المؤسسات الطلابية).

 

ونرى اليوم غياب المنظمة الطلابية وتأثير ذلك على مستوى وعي الشباب وترك المجال فارغا للشعوذة والتخلف والفساد.

 

أما بعد الالتحاق بالعمل المهني، فأول ما أثار انتباهي هو غياب أي تنظيم نقابي فعال في احدى أهم القطاعات العمومية، رغم كثرة المشاكل وتراكم الشكايات دون جدوى. فكانت الإدارة (المشغل) تفعل ما تشاء دون أي حوار مع الموظفين مع غياب ممثلين لهؤلاء.

 

آنذاك وبتعاون مع بعض مناضلي الصف التقدمي قمنا بحركة واسعة على المستوى الوطني لتأسيس النقابة الوطنية للتجهيز، تحت لواء CDT  نظرا لدينامية المركزية ولعلاقاتنا الخاصة التي سهلت لنا عملية التأسيس (86/87) اذا لم تخني الذاكرة.

 

وبذلك أصبح للموظفين صوتا لتمثيلهم على المستوى المركزي والجهوي، وكم أنا سعيد حاليا وأنا أتتبع أنشطة هذه النقابة ونضالاتها، مما يؤكد أهمية التنظيم والتضحية من أجل تحقيق المطالب وتوسيع الوعي لدى العمال والعاملات.

 

أهمية العمل النقابي تأكدت لدي شخصيا عند الالتحاق مهنيا بالقطاع الخاص، حيث كل الصلاحيات ممكرزة في يد رئيس المؤسسة وبعض معاونيه (الادارة العامة).

 

لم تمضي الا شهور قليلة داخل البنك حتى انطلق العمل في إطار ممثلي المستخدم( délégués du personnel )  وهو إطار أقل من التنظيم النقابي وضع أصلا لإضعاف المنظمات النقابية والاقتصار على ممثلين مستقلين يسهل اخضاعهم لإرادة الباطرونا. لكن ذلك لم يمنع من خلق دينامية نضالية ومن تحضير الشروط لتأسيس نقابة تابعة والالتحاق بالقطاع البنكي المنظم في اطار UMT  تمشيا مع مصلحة المستخدمين ورغم وعينا بما يجري داخل تلك المركزية من بيروقراطية ومحسوبية. لأن مصلحة العمال يجب ان تحظى بالأولوية عن الاختيارات الحزبية والايديولوجية.

وفعلا، وبالعمل الجاد والجماعي، وبعض التضحيات، استطعنا تحقيق عدة منجزات لم يكن أحد يحلم بها من قبل.

 

أهمية العمل النقابي تتجلى أولا في الدفاع عن المصالح المادية القانونية، والدفاع عن الكرامة أمام غطرسة وجشع بعد المسؤولين، وخلق مناخ للتضامن والتآزر.

 

وعكس العمل السياسي الذي يطمح الى الوصول الى سدة الحكم وتسيير البلاد حسب الوسائل المتاحة، فإن العمل النقابي يعمل على حماية المصالح الفئوية او القطاعية المادية أساسا، والمساهمة في تحرر وتنمية الاقتصاد الوطني ومحاربة الفقر والفوارق الاجتماعية من خلال الحوار والاتفاقيات الجماعية والتظاهر السلمي إذا اقتضى الحال. وهنا تلتقي بعض مصالح الحركة النقابية بالحركة السياسية العامة. مع الحرص على استقلالية القرار النقابي عن السلطة الحاكمة واحزابها وخطها السياسي الذي قد يتعارض مع المصالح والمطالب النقابية.

 

لن يسمح إطار المقال للتطرق الى عدة جوانب في العمل النقابي: الوحدة النقابية، الديموقراطية الداخلية، تكوين الأطر، أثر الازمات الاقتصادية على التنظيم النقابي، ضعف الثقة في الأطر والتنظيمات النقابية الخ

 

ومع ذلك أعتقد جازما أنه لا خيار لأي عامل أو عاملة، لأي موظف أو موظفة، عن الانخراط الواعي والمنظم في الحركة النقابية محليا وجهويا ووطنيا لكي تحقق مطالبها وتحافظ على مكتسباتها. خاصة داخل المركزيات الأكثر تمثيلية وقوة اقتراحية وتفاوضية.

 

 

الجزء الثالث: آفاق  العمل الجمعوي ودوره في عملية التغييرالمجتمعي(يتبع)