الذكاء الاصطناعي و حماية المعطيات.
بقلم : محمد أمين صالح
خبير الشؤون الإدارية والقانونية
ذكاء و حماية، خليط يبدو للوهلة الأولى انه سلس و انسيابي و طبيعي، لولا عنصر “الاصطناعي” و عنصر “المعطيات”، اما هذا الخليط فهو معقد و غير طبيعي ما دام سيكون رهينا بالخوارزميات و التحكم الآلي و الدرويدي droide robotisé, الذي سيكون أول الأمر متحكَّما فيه، ثم بحكم امتياز التطور و التفوق التكنولوجي، سيصبح مركبا و مؤهلا لدرجة تسمح له في ان يتحكم باستقلالية تامة بكل قراراته و تحاليله المضبوطة و الدقيقة تمام الدقة و التميز.
سبق لنا تقديم عنصر بسيط من هذا السجال الحديث بحداثة عناصره، بمقالتنا السابقة حول شبح تقنيات المعلوميات shadow it المنشورة الكترونيا بعدة منصات.
إن تميز البشر بعقله و ضميره كضامن للسر و المضمون و الكيان منذ الأزل، يواجه حاليا خرقا و تعسفا و تسلطا لا مثيل له وفق تحليل دقيق و مفصل للتصرف البشري المحتمل و للعناصر التكوينية لهذا التصرف، لا سيما المعطيات الخارجة و المُنتَجة من خلال هذا التصرف و التي نُجملها في كلمة واحدة تسمى شخصية بمفهوم قانوني و اكاديمي شامل.
تبسيطا لما سبق، نعتقد أن المستقبل سوف يحمل في طياته ما يلي،
– امام تقبلنا الحالي لعرض معطياتنا الشخصية دون تردد على مختلف المنصات الالكترونية، و نشر تفاصيل كثيرة عن حياتنا اليومية كمفهوم شامل مهني و شخصي و بالتالي مجتمعي، نعتقد ان المعطيات الشخصية بمنظورها المعاصر لن يعود لها قدسية و لا قيمة مستقبلا.
– سيصبح الذكاء الالكتروني مهما في حياتنا اليومية لدرجة ان المعطيات الشخصية لن تعود سوى عنصر بسيط و جانبي ضمن شمولية العلم و العمل كمجالين يضمنان استقرار المواطن في تمدرسه و شغله و صحته داخل المجتمع.
– اما التشريع و القانون فسيكونان لا محالة مواكبان لهذا التطور و سيكون عليك لزاما الادلاء بكافة معطياتك الشخصية الخاصة دون تردد لمختلف المراكز داخل و خارج مجتمعك من أجل تقاطعها مع المعطيات الشخصية العامة و تمكين الذكاء الاصطناعي من تحليل و تركيب و تنقيط و تعليل و التكهن بدقة بحالتك الصحية و العلمية و العملية، لغاية الكمالية و السيطرة التي لطالما حلم البشر بها منذ افلاطون و الفرابي و توماس مور و غيرهم، فيعود مصطلح يوتوبيا للواجهة مرة اخرى، أو المجتمع الذي يعيش أفراده حياةً مثالية.