الوضوح

شاركها

يوسف الحيرش: أزمة السيولة بالمغرب أصبحت رسمية.

أزمة السيولة بالمغرب أصبحت رسمية.

 

 

يوسف الحيرش مهندس و محلل اقتصادي – المغرب

 

عند بداية سنة 2023 اشترى بنك المغرب معظم سندات الدولة من السوق الثانوية (أعاد شراء السندات من الأبناك)، تقدر قيمتها ب 17 مليار درهم، بمعنى آخر أن بنك المغرب اشترى ديون الدولة، والدفع هنا سيكون عبارة عن سيولة نقدية بحكم أن بنك المغرب لا يملك أي ثروة غير دار السكة.

 

من هنا بدأت تطفو على السطح مظاهر أزمة السيولة التي تعاني منها الأبناك، حيث تسارعت الأفكار والحلول لتجنب استفحال الأزمة، ارتفعت السيولة المتداولة Le Cash en circulation إلى 355 مليار درهم في أواخر 2022 كأول بلد في المنطقة و في العالم العربي يتعامل بالكاش، حيث يصل عجز السيولة حسب بنك المغرب إلى 89 مليار درهم و يتوقع أن يفوق 100 مليار في 2024.

 

الأسباب الجوهرية لهذا الارتفاع:

أولا ..
العقلية المغربية التقليدانية في التعامل مع النقود والأموال بشكل واسع، هل هذه العقلية راجعة لعدم الثقة في المؤسسات البنكية ؟ أم للأزمات والتقلبات المالية والاقتصادية التي يشهدها العالم ؟

 

ثانيا ..
ارتفاع تحويلات مغاربة العالم وانتعاش السياحة من سنة كورونا إلى يومنا هذا، كانت لهذه التحويلات طابع اجتماعي تضامني، مما أدى إلى ضخ سيولة كبيرة عند غالبية الطبقات التي لا تتعامل مع الأبناك، منها المعوزة وتلك التي تعاني الهشاشة.

 

ثالثا ..
التضخم، تجارة المخدرات والاقتصاد الغير مهيكل، يشكل هذا الأخير نسبة كبيرة من حجم الاقتصاد المغربي بحيث لا تمر سيولته في مجملها عبر الأبناك على غرار الاتجار في المخدرات.

 

من أجل الخروج من هذا المأزق بدأ بنك المغرب العمل بإجراءات موضوعية للتقليل من ضغط السيولة عند الأبناك وعلى الاستثمار، يتحرك الآن لطرح برنامج “M-wallet” للأداء عبر رقم الهاتف النقال والتحسيس بأهمية هذه العملية.

سيتم في شهر ماي العمل بالتحويلات المالية الآنية عبر الحسابات البنكية، و سيطرح مشروع قانون الضريبة على الكاش، بمعنى أن أي أداء بالكاش سيصبح مؤدى عنه بنسبة كبيرة من أجل اجتنابه والمرور عبر الأداء الالكتروني، كان قد طرح هذه الفكرة والي بنك المغرب عند قيامه بندوة صحفية إلى جانب ملكة الأراضي المنخفضة حول موضوع الشمول المالي، بعد يوم الثلاثاء 21 مارس الأسود الذي امتنع فيه عن إجراء ندوة صحفية لتوضيح البلاغ الموسمي لبنك المغرب.

 

الحركة المفاجئة التي تؤكد رسميا أزمة السيولة عند الأبناك هي قيام وزيرة المالية بتقديم وطرح مشروع مرسوم يحدد بموجبه شروط منح ضمان الدولة لتغطية السيولة الاستعجالية، أي أن بنك المغرب لكي يمنح سيولة بصفة استعجالية وطارئة للمؤسسات البنكية التي تعيش أزمة سيولة خانقة، وجب عليه حسب قانونه التنظيمي أن يأخذ ضمانا من لدن الدولة، من أجل الحفاظ على الاستقرار المالي والمتانة المالية.

 

*نسخة من مشروع مرسوم رقم 2.22.925 الخاص بتحديد شروط منح ضمان الدولة لتغطية السيولة الاستعجالية