الوضوح

شاركها

“البالوعة” قصة قصيرة لمحمد السميري

“البالوعة”
قصة قصيرة

 

 

بقلم محمد السميري – المغرب

كان المؤذن يؤذن لصلاة العصر حين تقاطر جمهور حاشد من ساكنة حي سيد الخدير بمدينة الدار البيضاء لتشييع جنازة عمر.خرجت فاطنة زوجة الفقيد امام الباب حافية القدمين حاسرة الرأس وهي تولول بشعر منكوش”وا لمن خليتيني اعمر اخويي !”. لم يفهم الأطفال الأربعة لصغر سنهم سبب صراخ امهم، فبداو يبكون بدورهم.إنطلقت سيارةالإسعاف فتبعها المشيعون بالتهليل والتكبير بالتجاه مقبرة الشلح.

كان عمر يتهياء للخروج كالعادة في فسحة يومية بصحبة الكلب روكي بأزقة وشوارع حي أنفا بطلب من السيدة نفيسة بنيس.يشتغل عمر عند عائلة بنيس وهي من العائلات الفاسية الثرية،فزوجها صاحب شركة إلى جانب تسييره لمجموعة من المطاعم الفاخرة. فك عمر سلسلة الكلب روكي الذي انطلق في حركة هيستيرية يشمشم بين العشب الأخضر على مكان يقضي فيه حاجته. هدوء يخيم على حي أنفا المكسو بالأشجار والورود التي تبرز من جدران الفيلات تحت سقسقت العصافير.رجع الكلب يتمسح بعمر.وضع هدا الأخير السلسلة في عنقه ورجع قافلا الي الفيلا.أدخل عمر الكلب إلى ويجاره واضعا أمامه كرة كبيرة من الكفتة التي شرع في التهامها وهو يمررلسانه في لدة ظاهرة. الغيوم في السماء تندربقدوم الأمطار.طفق عمر يلملم أغراضه لمغادرة الفيلا.نادته السيدة نفيسة بنيس أعطته كسيا بلاستيكيا به خمس بيضات ورغيف خبز.انحنى عمر أمام السيدة في وجول وهو يرد”الله يخلف اللا الله يخلف”.إمتطى دراجته الهوائية الخلو من الكوابح والأضواء .بداء المطر يتساقط على شكل زخات.ضغط عمر على الدواستين محاولا زيادة السرعة حتى كاد أن يفقد توازنه.وصل إلى حي سيدي الخدير الدي لا يبعد عن حي انفا الا قليلا.المطر يغسل الأزقة والحواري الموحلة تاركا أخاديد على شكل خطوط منعرجة.البيوت والبراريك تصطف وسط الظلام في حركة هندسية عشوائية توحي بالكآبة. اقترب من منزل الشتوكي.قفز فوق بركة من الماء.كاد يسقط عل قفاه .نقر على الباب ثلاث نقرات متتابعة حتى يفهم اشتوكي أنه زبون وليس من جال الشرطة.انتظر قليلا.ظهرة سيدة محاولة الا يظهر من جسدها إلا الراس. ناولها عمر النقود.اختفت قليلا تم عادت بحزمة من الكيف مغطات بورق جريدة.وصل عمر إلى البيت.تحلق حوله الضغاروعيونهم على الكيس البلاستيكي.فقست فاطنة البيضات في صحن من الألومنيوم ووضعته فوق النار مع قليل من الزيت والملح.انتهز الصغار الفرصة فاستفردوا برغيف الخبز.وضع الصحن فوق مائدة مهترئة تبرز منها عدة مسامير صدئة مع براد من الشاي.انقض الصغار على الصحن كديوك رميت لها حفنة من القمح.ملاء عمر كاسا من الشاي وبداء في تقطيع حزمة الكيف.أخد السبسي فعمر شقفا.أسرعت فاطنة بالجلوس بجانبة لتنال حضها من دخان الكيف.فجاءة بدأت مياه حفرة الواد الحار تزحف من المطبخ.قفز عمر من مكانه .أشار إلى فاطنة أن تساعده لفتح الحفرة الكبيرة التي امتلأت بفعل الامطار الغزيرة.كان الظلام دامسا في المطبخ مما دعا عمر إلى جلب مصباح كهربائي.وضع عمر القابس في البريزة، فعم النور المطبخ.بدأ في تسليك الحفرة بقضيب حديدي غليظ باليد اليمنى،مع إمساكه بالمصباح باليد اليسرى.فجاءة انجرفت احدى الحافات فسقط عمر في الحفرة مع المصباح ،مما أدى إلى تماس كهربائي،زهقت معه روحه في التو.