الوضوح

شاركها

محمد الغلوسي : محاربة الفساد مهمة مجتمعية 

  محاربة الفساد مهمة مجتمعية

 

ذ.محمد الغلوسي

رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام

 

نحن في الجمعية المغربية لحماية المال العام نعتبر دوما أن النضال ضد الفساد والريع والرشوة لاينفصل عن معركة بناء دولة الحق والقانون ،فالفساد ليس مجرد ملف هنا أو هناك أو قضية أشخاص، إنه بنية ونسق يرتبط ارتباطا جدليا بمفهوم الدولة الديمقراطية، ذلك أنه كلما كانت الدول ديمقراطية كلما توفرت على مؤسسات وآليات قانونية ناجعة للوقاية من الفساد والرشوة فضلا عن التصدي لحالات الفساد وملاحقة المفسدين والمرتشين مهما كانت مسؤولياتهم ووظائفهم وإصدار عقوبات ضدهم تتلاءم وخطورة الجريمة.

 

وعلى العكس من ذلك فكلما كانت الدول غير ديمقراطية كلما كان المناخ والمزاج العام مناسبا ومساعدا بشكل كبير على سيادة الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب ومراكمة الثروة بشكل غير مشروع، وتظل الآليات المؤسساتية والقانونية ضعيفة أمام الظاهرة، بل إن تلك المؤسسات نفسها المعول عليها لمكافحة الفساد لاتسلم بنفسها من الفساد والريع وتصبح مجرد مؤسسات صورية لاحول لها ولاقوة.

 

لذلك فإن نضال المجتمع المدني على مستوى هذه الواجهة، أي مكافحة الفساد، ليس بالأمر الهين، فهي مهمة معقدة وشاقة ومحفوفة بكل المخاطر وتحتاج إلى نفس طويل واستراتيجية متعددة الأبعاد، وهي بالمناسبة ليست مهمة المجتمع المدني وحده بل إنها مهمة مجتمعية تهم كل الفاعلين كل من موقعه ،وعلى الجميع الإنخراط فيها لربح رهانات التنمية والديمقراطية والعدالة، و واهم من يعتقد أن الفساد هو حالات معزولة تتجسد في هذه الجماعة أو تلك المؤسسة أو المرفق، ويمكن القضاء عليه بين عشية وضحاها، إنه معضلة كبرى ومنظومة مركبة لها أسباب اقتصاديةوسياسية وثقافية.

 

القوى والمراكز المستفيدة من واقع الفساد والريع ليست سهلة ومكتوفة الأيدي، إنها توجد في كل موقع وتجند كل الوسائل والإمكانيات للحفاظ على الإمتيازات والنفوذ وتقويض كل الجهود الرامية إلى تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة.