الوضوح

شاركها

د. علي بوطوالة: المال و السلطة في المغرب 

 المال و السلطة في المغرب

 

د. علي بوطوالة/المغرب

 

المزاوجة بين المال والسلطة في المغرب، اشكالية قديمة،ولكنها تفاقمت منذ انتخابات 8 شتنبر 2021،لأن أحد كبار أثرياء المغرب أصبح رئيسا للحكومة، وقد تمكن من مضاعفة ثروته لأنه كان ولمدة أربعة عشر سنة وزيرا للفلاحة والصيد البحري، أي منذ 15 اكتوبر 2007 إلى 7اكتوبر 2021، والمفارقة أنه بقدرما ازداد ثروة ونفوذا بفضل موقعه في السلطة، بقدرما أوصل قطاع استراتيجي، كالفلاحة الى الإفلاس، بالنظر للفشل الذريع لما سمي بمخطط المغرب الأخضر،حيث لم يحقق حتى الحد الأدنى من الأمن الغذائي،والخصاص في عرض المنتجات الغذائية المحلية خير دليل على ذلك.

 

 

حالة تضارب المصالح بالنسبة للحكومة الحالية، وخاصة بالنسبة لرئيسها بارزة للعيان، وتمت إدارتها من طرف الصحافة الأجنبية. في موضوع المحروقات مثلا، لازالت الحكومة ترفض استعادة الدولة لمؤسسة شركة سمير لتكرير البترول رغم النداءات والمطالبات من عدة قوى وشخصيات وطنية بسبب ضغط لوبي المحروقات، الذي يشكل رئيس الحكومة أكبر أقطابه، وتجلى تاثير هذا اللوبي القوي حينما تعرض رئيس مجلس المنافسة السابق للإعفاء بسبب التقرير الذي قدمه حول الاستفادة غير المشروعة لشركات المحروقات من الأسعار المرتفعة للمحروقات في المغرب في الوقت الذي كانت أثمنتها منخفضة في السوق الدولية.

 

الغريب أنه رغم توفر المغرب على نصوص قانونية متعلقة بتنازع أوتضارب المصالح، ومنها الفصل 36من الدستور، فحالات تضارب المصالح سواء بالنسبة لأعضاء الحكومة، أو أعضاء المؤسسات المنتخبة في تفاقم مستمر.وهذه وضعية لها تداعيات سلبية كبيرة على جميع المستويات، بما في ذلك على الإستثمار، فتوسع ظواهر اقتصاد الريع والإمتيازات، يؤدي مهما روج الخطاب الحكومي من ادعاءات،الى تخوف المستثمرين مغاربة وأجانب من الإقدام على الإستثمار في المغرب، والبحث عن بلدان أكثر أمنا لإستثماراتهم بفضل سيادة القانون واستقلال القضاء.

 

أزمة الغلاء الفاحش حاليا، أكدت بالملموس إرتهان الحكومة للوبيات المصالح، وعجزت كليا عن معالجة الأزمة بمسؤولية وبروح وطنية، رغم تشدق مكوناتها بشعار الدولة الإجتماعية، بل ولجأت للتضليل وترويج الأكاذيب حول انخفاض أسعار المواد الغذائية، وادعاء أن سبب التضخم الكبير خارجي ومرتبط بتداعيات أزمة الطاقة، والحرب الروسية الأوكرانية، وقد كشف السيد أحمد الحليمي،رئيس المندوبية السامية للتخطيط، أن ظاهرة التضخم الحالية ستستمر، لأن سببها الجوهري يعود لنقص العرض، أي الخصاص في المنتوجات الغذائية المحلية، وهذا يؤكد فشل مخطط المغرب الأخضر، ومسؤولية رئيس الحكومة عن ذلك. في هذا السياق، من الطبيعي أن تتعمق أزمة الثقة، ويتصاعد منسوب الإحتقان الإجتماعي.

 

المعالجة الجذرية للأزمة العميقة التي يواجهها المجتمع المغربي حاليا، بتداعياتها المقلقة، وأفاقها الغامضة،يتطلب إصلاح سياسي ومؤسساتي، يسمح بالقطع مع اقتصاد الريع والإمتيازات ، ووضع حد لزواج السلطة بالمال ، ومحاربة الفساد بشكل فعلي وفعال، لأنه لم يسبق في أية تجربة في العالم، أن تم بناء الدولة الإجتماعية من طرف قوى الراسمالية الريعية، كالتي تتحكم في السلطة ببلادنا.