الوضوح

شاركها

 الحركة التقدمية الكويتية: نحو الخروج من الأزمة وتصحيح المسار

 الحركة التقدمية الكويتية: نحو الخروج من الأزمة وتصحيح المسار

 

 

بيان صادر عن الحركة التقدمية 

الكويت في الأول من أبريل ٢٠٢٣

 

 

انقضى أسبوعان على صدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال مرسوم حلّ مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً وإعادته إلى الحياة وإبطال الإرادة الشعبية المعبّر عنها في انتخابات سبتمبر ٢٠٢٢، ما أدخل البلاد في حلقة مرهقة جديدة من حلقات مسلسل الأزمة العامة الممتدة منذ سنوات.

 

وخلال هذين الأسبوعين اتضح على نحو صارخ الارتباك الحكومي، حيث لم يصدر حتى اللحظة أي تعليق رسمي حول حكم المحكمة الدستورية وكيفية التعامل مع تداعياته، بل لقد تأخر إعلان التشكيل الحكومي أكثر مما سبق له أن تأخر بعد مضي أكثر من شهرين على استقالة الحكومة وأربعة أسابيع على تكليف رئيس مجلس الوزراء بتشكيل حكومة جديدة، وها هي الدولة تشهد حالة غير مسبوقة من الشلل، تراجعت معها ثقة الناس في السلطة إلى أدنى مستوياتها؛ وتنامت في ظلها حالات الإحباط واليأس جراء ارتداد السلطة عن العناصر الإيجابية في الخطاب الأميري الصادر في ٢٢ يونيو ٢٠٢٢ واتساع التذمر الشعبي على نحو لا يمكن إنكاره بعد الإبطال المتكرر للإرادة الشعبية للناخبين.

 

وفي المقابل هاهم أقطاب مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً يتحركون بصورة مفضوحة الأهداف ومكشوفة المقاصد لشرعنة وجود مجلسهم وتطبيع أوضاعه، بل الادعاء أنهم بصدد عقد جلسات لتلبية بعض استحقاقات إصلاح النظام الانتخابي، الذي كانوا أحد عناصر تخريبه وإفساده.

 

هذا، فيما التزم بعض أقطاب مجلس ٢٠٢٢ جانب الصمت والسلبية، وانشغل البعض الآخر منهم بالدفاع عن انجازاتهم التي لم تتحقق جراء تعطيل الجلسات وحكم الإبطال، وكأننا في مواجهة معركة انتخابية، وكأنّ الأزمة تكمن في المفاضلة بين حسنات مجلس ٢٠٢٢ الذي عبّرت عنه الإرادة الشعبية ومساوئ مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً.

 

والمؤسف أيضاً، أنه على النقيض من اتساع حالة التذمر الشعبي وتناميها، فإنّ خطاب بعض التيارات السياسية يتسم بالضعف وعدم الوضوح، ناهيك عن ارتباك بعض هذه التيارات، وأسلوب عملها الفوقي وحديث بعضها عن التعامل ايجابياً مع مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً، تحت ذريعة الواقعية.

 

إننا في الحركة التقدمية الكويتية ننطلق من أنّ الأزمة، التي تعاني منها البلاد، هي أزمة عامة ومستحكمة لا تنحصر، كما يحاول البعض تصويرها في حدود العلاقة بين المجلس والحكومة واستجوابات الوزراء، ولا في إبطال مرسوم أو إبطال انتخابات، رغم أهمية هذه العناصر، وإنما هي أزمة أعمق وأوسع وأخطر.

 

إنّ الأزمة، التي تعاني منها الكويت هي بالأساس أزمة نهج السلطة، ونعني به عقلية المشيخة والانفراد بالقرار والعداء للديمقراطية ومحاولات تعطيل دستور الحدّ الأدنى والانقلاب عليه… وهي في الوقت نفسه أزمة الحلف الطبقي الرأسمالي للسلطة وسطوة مصالحه الطفيلية الضيقة ومحاولات القلّة المتنفذة الاستئثار بمقدرات الدولة والسيطرة على مفاصل القرار السياسي فيها… وهي أزمة تخلف الإدارة السياسية للدولة وسوء أدائها واشتداد صراعات مراكز القوى داخلها…وهي أزمة تخلّف المنظومة الدستورية وعجزها في ظل دستور الحدّ الأدنى عن تلبية متطلبات بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة عادلة اجتماعياً… وهي أزمة استشراء النهب والفساد إلى مستويات قياسية…وأزمة انعدام النيّة قبل افتقاد الإرادة لتحقيق الحدّ الأدنى من الإصلاحات، وعدم الجديّة في معالجة أبسط المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والخدمية والإدارية المتفاقمة، التي يئن منها المواطنون والسكان.

 

إنّ المطلوب بشكل مُلِحّ، هو الوصول إلى مَخرَج سياسي في إطار الدستور، عبر خطوات ملموسة تتمثّل في:

 

١- تنحية العناصر المتسببة في إبطال الإرادة الشعبية، واعتذار السلطة وتجديد التزامها بخطاب ٢٢ يونيو ٢٠٢٢، الذي جرى الارتداد عليه.

 

٢- الإسراع في طيّ صفحة مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً، واحترام الإرادة الشعبية للناخبين.

 

إلا أنّ المطلوب بالأساس، كان ولا يزال يتمثّل في التوجّه الجاد لتصحيح المسار العام للدولة وإصلاح الاختلالات البنيوية الرئيسية في واقعنا السياسي، والاستجابة لاستحقاقات الإصلاح الرئيسية المتمثلة في العناوين التالية:

 

أولاً: التخلي عن عقلية المشيخة ونهج الانفراد بالقرار.

 

ثانياً: تفكيك كلٍّ من سطوة التحالف الطبقي السلطوي الرأسمالي الطفيلي من جهة، ومراكز النفوذ المتصارعة من جهة أخرى.

 

ثالثاً: إصلاح النظام الانتخابي، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، واستكمال ملفّي العفو وعودة الجناسي المسحوبة، وتشكيل حكومة إصلاحية.

 

رابعاً: الملاحقة الجادة لقوى الفساد ووضع حدّ لعمليات النهب المنظم لمقدرات الدولة عبر إلغاء ومنع قرارات التنفيع واستغلال النفوذ والمبالغة في تسعير المناقصات والتعهدات والعقود الحكومية وفي القطاع النفطي وضبط الأوامر التغييرية.

 

خامساً: تطوير المنظومة الدستورية والسياسية وتجديدها ضمن التزام تام وجاد بالضوابط الدستورية، بما يضمن قيام حياة حزبية سليمة تعزز العمل المؤسسي، ويحقق مبدأ التداول الديمقراطي في السلطة التنفيذية، وصولاً إلى تأسيس نظام برلماني مكتمل الأركان يتوافق مع ما نصّ عليه الدستور من أنّ “نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً”.

 

سادساً: التوجه نحو تحسين مستوى المعيشة، ومعالجة مشكلات تردي الخدمات العامة، وتراجع التعليم، وتدهور البنية التحتية، والغلاء، وارتفاع الايجارات، والسكن، وحلّ قضية الكويتيين البدون، والتركيبة السكانية، والمقترضين المعسرين والمتعثرين وأصحاب الضائقة المالية، وإنهاء التمييز ضد النساء، وتحقيق المواطنة الدستورية المتساوية وفق مبادئ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.

 

سابعاً: التبني الجاد لخطة تنمية بشرية واقتصادية واجتماعية شاملة وديمقراطية وعادلة اجتماعياً.

 

وفي الختام، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية ندعو التيارات السياسية إلى تحمّل مسؤولياتها الوطنية والتاريخية في التصدي لمحاولات العبث بالدستور والاستخفاف بالإرادة الشعبية… كما ندعو الشعب الكويتي وقواه الفاعلة لمقاومة الإحباط واليأس، وأن يكون يقظاً سياسياً تجاه ما تحيكه الأطراف المعادية للإرادة الشعبية، وأن يوحّد صفوفه وتحركاته للدفاع عن حقوقه ومكتسباته والتصدي لكل محاولات الانتقاص منها أو الانقلاب عليها.