الوضوح

شاركها

الحركة التقدمية الكويتية: إبطال البرلمان يعمّق الأزمة ويمثّل ردّة عن “خطاب ٢٢ يونيو”… والمطلوب مخرج سياسي في إطار الدستور يطوي صفحة مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً

الحركة التقدمية الكويتية:

إبطال البرلمان يعمّق الأزمة ويمثّل ردّة عن “خطاب ٢٢ يونيو”…

والمطلوب مخرج سياسي في إطار الدستور يطوي صفحة مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً

 

 

 

بصدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال الانتخابات النيابية الأخيرة ومجلس الأمة الناتج عنها، وبإعادة مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً، استنفدت السلطة في الكويت ما بقي لها من رصيد حسن الظن والأمل الذي كانت تحفظه لها شريحة لا بأس بها من الشعب، هذا الرصيد الذي تشكّل على أسس موضوعية وأخرى وهمية منذ أقل من ثلاثة أعوام، حيث استنفدته السلطة بسرعة قياسية عبر نهجها غير الديمقراطي وفشلها الذريع والمتكرر في إدارة البلاد.
والآن فإن العودة لمسلسل إبطال مجلس الأمة تحت حجج شكلية لا يعيدنا فقط لوضع مأساوي سبق أن عشناه منذ حوالي ثلاثة عشرة سنة ولا نزال، بل إنه يمثل وضعاً هزلياً يبلغ فيه العبث وانعدام حس المسؤولية في إدارة الدولة مدى غير مسبوق في تاريخ الكويت الحديث، وهو ما يتطلب التداعي الشعبي والتماسك لمقاومة الإحباط واليأس، والدفاع بصلابة عن المكتسبات الدستورية والسياسية.

وفي هذا السياق وبعيداً عن مناقشة الحيثيات الدستورية والقانونية الشكلية وغير الجوهرية بالنسبة للحقيقة التي تقف خلف حكم المحكمة الدستورية، فإنّ ما يعنينا هو أنّ الكويت تعاني اليوم أكثر من أي وقت مضى من أزمة عامة خانقة ومحتدمة تعود بالأساس إلى ثلاثة عوامل متداخلة تتمثّل في:

 

أولاً: سطوة نهج الإنفراد بالقرار وعقلية المشيخة.

ثانياً: احتدام الصراعات المعلنة والخفية بين مراكز النفوذ والقوى داخل السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي المسيطر، وإن تغيرت الأسماء وتبدلت المواقع.

ثالثاً: تحكّم المصالح الطبقية الضيقة للقوى المتنفذة والمتعارضة مع مصالح الغالبية الساحقة من المواطنين، وهي المصالح الطبقية الضيقة التي تسعى للاستحواذ على مقدرات الدولة والسيطرة على مفاصل الإدارة السياسية فيها.

 

وسبق للحركة التقدمية الكويتية أن أكّدت أكثر من مرة أنّه ما دامت هذه الأسباب والعوامل والتناقضات قائمة، وما دامت هي التي تتحكم في المشهد السياسي وفي إدارة الدولة، فإنّ الأزمة، التي تعانيها الكويت منذ العام ٢٠١٠ لا يمكن حلّها، بل أنها ستتعمّق، وهذا ما يفسر تتالي حلقات المسلسل الطويل لهذه الأزمة.

ولابد من الانتباه إلى أنّ استمرار مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً يعني الارتداد عن تلك العناصر الإيجابية الواردة في الخطاب الأميري بتاريخ ٢٢ يونيو ٢٠٢٢، الذي لم يأت من فراغ بل جاء استجابة للحراك الشعبي والنيابي المتنامي في تلك الأيام بعد اعتصام النواب في المجلس والاعتصامات الليلية للمواطنين في ديوانيات النواب المعتصمين وفي ساحة الإرادة، حيث يتعارض استمرار مجلس ٢٠٢٠ مع أهم ما ورد في ذلك الخطاب، وتحديداً تلك الفقرة الهامة التي تم الإعلان فيها عن القرار الأميري بحلّ المجلس استجابة للإرادة الشعبية، ونصّها:

 

“قررنا مضطرين ونزولاً على رغبة الشعب واحتراما لإرادته الاحتكام إلى الدستور العهد الذي ارتضيناه، واستناداً إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة (١٠٧) من الدستور، أن نحل مجلس الأمة حلا دستوريا والدعوة إلى انتخابات عامة، وفقاً للإجراءات والمواعيد والضوابط الدستورية والقانونية، وهدفنا من هذا الحل الدستوري الرغبة الأكيدة والصادقة في أن يقوم الشعب بنفسه ليقول كلمة الفصل في عملية تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد، باختيار من يمثله الاختيار الصحيح، والذي يعكس صدى تطلعات وآمال هذا الشعب، وسوف يصدر مرسوم الحل والدعوة إلى الانتخابات في الأشهر القادمة إن شاء الله بعد اعداد الترتيبات القانونية اللازمة لذلك”.

وإزاء تفاقم الوضع المأزوم أصلاً، وتجنيباً للبلاد تبعات احتدام الأزمة العامة وتفجّرها فإنّه لابد من التوجّه على نحو جاد نحو:

 

أولاً: الالتزام بالضمانات الديمقراطية الدستورية وبالحقوق والحريات العامة، والسعي نحو مخرج سياسي عملي وسريع ضمن إطار الدستور، يوقف أي تداعيات سلبية، ويحول دون أن تستغل بعض الأطراف المتربصة هذا الوضع المأزوم في تنفيذ أجندات مغرضة معادية لمصالح الشعب وحقوق المواطنين وحرياتهم.

ثانياً: حل مجلس ٢٠٢٠ المرفوض شعبياً.

ثالثاً: محاسبة المتسببين في دسّ الثغرات الاجرائية المتعمدة منذ ٢٠١٢ لإبطال الانتخابات النيابية، ومطالبة السلطة بالاعتذار عن هذا الفشل الذريع والمتكرر وغير المسؤول.

رابعاً: تشكيل حكومة جديدة تشرف على إجراء انتخابات نيابية نزيهة، في إطار الالتزام بهذه التوجهات، وبالعناصر الايجابية الواردة في الخطاب الأميري في ٢٢ يونيو ٢٠٢٢.

خامساً: تحميل القوى السياسية مسؤولياتها الوطنية والتاريخية في التصدي لمحاولات العبث بالدستور والاستخفاف بالإرادة الشعبية.

 

وفي الختام فإننا ندعو الشعب الكويتي الأبيّ وقواه الحيّة لمقاومة الإحباط واليأس، وأن يكون يقظاً سياسياً تجاه ما تحيكه الأطراف المعادية للإرادة الشعبية، وأن يوحّد صفوفه وتحركاته دفاعاً عن حقوقه وحرياته، مع الانتباه إلى أن المعركة مع السلطة قد تطول وتتصاعد.

 

الكويت في ١٩ مارس/ آذار  ٢٠٢٣