الوضوح

شاركها

 فرنسا تلتهب و الاحتجاجات مستمرة 

 فرنسا تلتهب و الاحتجاجات مستمرة

 

 

د.شرف الدين رفاعي/فرنسا

 

عرفت فرنسا منذ يوم الثلاثاء 7 مارس احنجاحات قوية بامتياز، حيث تظاهر الملايين من الفرنسيين في جميع مناطق فرنسا ضد مشروع إصلاح التقاعد، الذي يهدف إلى رفع سن التقاعد الى  من 62 إلى 64 سنة، وتمديد عمر الانخراطات الى 43 سنة عوض 42 سنة.  للتذكير فقط ، يوم الاضرابات و الاحتجاجات هي أيام عمل وكل المضربين لا يتقاضون أجورهم.

 

 

 

هي احتاجاجات تاريخية، شاركت فيه كل القطاعات الحيوية بالبلاد المنتمية الى القطاع الخاص والقطاع العام ، الى جانب مشاركة المنظمات الشبابية و مؤسسات المجتمع المدني و بدعم كبير من المتقاعدين و هيآتهم  لمساندة الجيل القادم .

 

 

استمرارية  النضالات و الاحتجاجات بعد 7 مارس يترجم في أشكال متنوعة: إضرابات ، احتجاجات ، اعتصامات، ولعل الأبرز منها محاصرة مخازن توزيع المحروقات.

 

في خضم كل هاته المعارك، لم تعر الحكومة ولا رئيس الدولة أي إهتمام من شأنه تصفية الأجواء والرضوخ لمطالب الشعب الفرنسي، بل الأكثر من ذلك رفض التحاور مع النقابات و الهيآت العمالية.

 

 

 

في غياب أي نقاش سياسي،  صوت مجلس الشيوخ ذو الأغلبية اليمينية على المادة 7 التي تمدد سن التقاعد الى 64 سنة، وفي نفس الوقت قررت اللجنة الثنائية المختلطة لمجلس النواب ومجلس الشيوخ الموافقة على المادة 7.

 

وقد قررت الحكومة الفرنسية اللجوء للمادة 3-49 لتمرير مشروعها حول التقاعد دون تصويت نواب الأمة، نظرا لأنها لا تتمتع بأغلبية مريحة سواء داخل البرلمان أو في الشارع الفرنسي. وهذا اعتراف ضمني لهزيمتها واعتراف بعدم تتمتعها بأية مشروعية سواء داخل البرلمان أو في الأوساط الشعبية، وأنها تقود الى البلاد إلى الباب المسدود.

 

فشل وانهزام الحكومة الفرنسية وتعنتها، هو نتاج انخراط كل فئات الشعب الفرنسي للتعبير عن استياءه وغضبه من خلال الإضرابات والاحتجاجات، وكذلك تماسك وحدة النقابات ودعهمها من وساندتها من طرف الأحزاب السياسية التقدمية والديمقراطية بالاضافة الى مؤسسات المجتمع المدني.

 

منذ أكثر من عشر سنوات تم تقزيم نظام امانويل ماكرون وأصبح أقلية داخل قبة البرلمان من خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة لسنة 2022 ومع ذلك لا زال مصرا  على تمرير مشروعه هذا

الشارع الفرنسي عازم على الاستمرار في  النضال بكل أشكاله حتى لا يخرج هذا المشروع إلى الوجود، و ات اقتضى الحال عرضه على استفتاء شعبي و هذا ما عبر عنه مقترح الحزب الشيوعي الفرنسي  على لسان كاتبه الوطني فابيان روسال، إجراء استفثاء شعبي يعبر من خلاله الشعب الفرنسي موافقته أو عدمها من مشروع الحكومة. وقد وجه هذا الاقتراح إلى المجلس الدستوري، وفي إنتظار الموافقة عليه، تستمر التعبئة من أجل الحصول على 4,7 مليون توقيع لإجبار رئيس الدولة على تفعيله.

 

في خضم هذه المعارك النضالية و استحضارا لمعالم  الأزمة السياسية و الإقتصادية التي تعيشها فرنسا، تم اغتنام الفرصة للتأكيد على مسؤولية  القوى الحية بالبلاد و ضرورة تكثيف جهودها و اتحادها  من أجل ضمان العيش الكريم لكافة المواطنين، تتناسب مع متطلبات القرن الواحدو العشرين بما فيها النضال من أجل الرجوع  إلى سن 60 سنة  كسن قانوني للتقاعد.