الوضوح

شاركها

أين أنتم أيها الوطنيون؟ أين نحن من هذا العبث؟ بوعسل شاكر

أين أنتم أيها الوطنيون؟

أين نحن من هذا العبث؟

 

بوعسل شاكر

سأدخل مباشرة في الموضوع لأتساءل بصوت مرتفع وبدون مقدمات إلى أين نحن ذاهبون؟

أين أنتم أيها الوطنيون؟

 

إطلاق سراح المعتقلين السياسيين هي ضرورة وطنية واجتماعية حتمية. أول درس في الديمقراطية هي إعادة الاعتبار للوضعية الحقوقية. حرية الرأي والتعبير هي ترجمة للسلم الاجتماعي وصمام أمان لديمقراطية من الشعب وإلى الشعب.

 

لا بد من مصالحة اجتماعية، من مصالحة مع أنفسنا ومع الاخر تكون مرآة تعكس فعلنا وممارسة قناعاتنا.

 

إرساء أسس الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن يكون الا بالإفراج الفوري على كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، والكف عن سياسة التضييق والخناق التي تشنها الدولة وأجهزتها الأمنية ضد كل من يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية.

 

لا ديمقراطية بدون حرية ولا تقدم بدون الرهان على التنمية البشرية.

 

هل نحتاج الى دروس من جهات خارجية في الدفاع عن حقوق الانسان؟ هل نحتاج الى قرارات البرلمان الأوربي لينبهنا بتفاقم الوضع الحقوقي في المغرب، وضرورة العمل على احترام حقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا؟

 

نحن في حاجة ماسة الى مؤسسات وطنية تشريعية، تنفيذية وقضائية تعمل في خذمة المواطن، تسعى الى تطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان وترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. نحتاج الى حكومة تترجم تطلعات الأغلبية المطلقة في برامجها وقراراتها، الى برلمان قادر على مزاولة وظيفة التشريع، الترافع لصالح الشأن العام وممارسة دور المراقبة والمحاسبة. نحن نحتاج الى سلطة قضائية مستقلة ونزيهة، تسهر على احترام مبدأ المساواة في تطبيق القوانيين، يؤطرها شعار لا سلطة تعلو على سلطة القانون.

 

الى أين نحن ذاهبون؟

 

من حكومة الاخوان بالأمس، بعد التنكر لوعود محاربة الفساد والالتجاء الى خذمة المصالح الشخصية، تنفيذ أوامر اللولبيات المالية ولعب دور رجل المطافئ. الى حكومة الكفاءات اليوم، السائرة على نهج سابقتها في تحطيم وتهديم ما تبقى من المكتسبات. حكومة لا تظهر علامات الاغتناء والرفاهية سوى على أعضاءها.

 

رئيس الحكومة، بدل أن يقدم إجراءات تخفف من غلاء الأسعار بسبب ارتفاع ثمن المحرقات، نجده من أول المستفيدين من هذه الازمة التي زادت في ثروته الشخصية باعتباره من كبار رجال الاعمال المتحكمين في هذا القطاع. أضف الى ذلك سلوك التكبر والعجرفة التي يمارسها بعض من أعضائها متنكرين لطبيعة عملهم كموظفين عموميين، مهمتهم الوحيدة هي خذمة مصالح المواطنين. هذا ما عبر عليه وزير العدل الذي يظن نفسه مونتسكيو عصرهوامبراطور حكومته، لا قوة تعلو فوق قوته، يريد بسط نفوذه على قطاع العدالة بأي ثمن، يصول ويجولبدون حسيب ولا رقيب متزعما أكبر عملية الشطط في استعمال السلطة، وأكبر عملية استغلال النفوذ والفساد بتكريس سياسة ’’ ولدي باه لاباس عليه وقراه في الخارج’’. دون احترام مشاعر عموم المواطنين الشرفاء أبناء الأسر المتواضعة من خريجي المدارس والجامعات العمومية. كل هذا دون أن نرى أدنى تحريك لأية مسطرة قضائية أو فتح تحقيق جدي، شفاف ومسؤول من المؤسسات المعنية، بالرغم من الإدانة الشعبية ووجود شكاوى مقدمة بشكل رسمي.

 

استغرب كثيرا من وطنية أغلبية البرلمانيين المغاربة عندما يريدون تلحف حب الوطن والهرولة لردود الأفعال لإخفاء ضعف مستواهم الفكري وأدائهم السياسي، وارتباطهم المبدئي فقط بمصالحهم الشخصية وبعدهم الكبير عن الدفاع عن مصالح ممثليهم، عندما يتعلق الامر بقرار يمس سياسة الدولة، ينتقدها أو يضعها أمام حقيقتها في المحافل الدولية، بغض النظر عن الخلفيات السياسية والمصالح الجيواستراتيجية.

 

أين أنتم أيها الوطنيون في قبة البرلمان من كل معاناة الشعب المغربي؟ من خروقات حقوق الانسان وقضايا الفساد؟ أين أنتم من لجن المراقبة والتقصي والتحقيق؟ أين أنتم يا ممثلي الأمة من صراخ بعضكم ونوم بعضكم الآخر؟

 

مجتمع فاسد في معظم بنياته، إذا كانت السلطة التشريعية ضعيفة في أدائها السياسي، السلطة القضائية غير قادرة على ضمان العدالة والمساواة واحترام سيادة القانون، فإن الحكومة فاشلة في تقديم برامج وحلول تجيب فيها عن تطلعات شعب غارق في الكدح والاستغلال وقلة الآفاق، التي تدفع بشبابه بمن فيهم حاملي الشواهد العليا، للارتماء في قلب زوارق الموت يحتضنون آخر أمل في النجاة.

 

استمرارية الفساد هي مسؤولية المجتمع بكل مكوناته الحية، ابتداء بالمدرسة الى أعلى سلم في المؤسسات العمومية، مرورا بكل مكونات المجتمع المدني وباقي الفعاليات السياسية والحقوقية.

 

السماء لا تمطر ديمقراطية ولا عدالة اجتماعية.

أين نحن من هذا العبث؟