الوضوح

شاركها

“العدالة وطن الانسان ” .. مبارك المتوكل

“العدالة وطن الانسان “

مبارك المتوكل

 

تواصلت احتجاجات ذوي البدلة السوداء على وزير العدل الذي حدد بشكل تعسفي الضريبة على القيمة المضافة كعبء على الموكلين، كما حدد طريقة احتساب الضريبة على الدخل بالنسبة للمحامين مع تحديد موعد وطريقة استخلاصها . و سعى إلى إعادة النظر في قانون مهنة المحاماة ويستعد لطلب مصادقة البرلمان على بدعته دون تفاوض مع المعنيين ولا حتى استشارتهم .

ولم تقف التجاوزات عند هذا الحد، فقد سطا على اختصاصات نقابات المحامين ومن بين ما أقدم عليه الانفراد بتنظيم امتحان ولو ج المهنة حتى يسهل عليه وعلى من هم في صفه التلاعب بالنتائج واعتمد اسلوب الإجابات المتعددة على نفس السؤال (QCM)وهذه الطريقة سليمة عندما يتعلق الأمر بالعلوم البحثة حيث لا يصلح إلا جواب واحد لسؤال واحد من الأجوبة المقترحة للإختيار، أما العلوم الإنسانية فإن السؤال فيها يحتمل أكثر من جواب. وهنا أود أن أسر في أذن الوزير إن كان لا يزال مستعدا للاستماع:

 

1) كنت تدعي الانتماء إلى حزب المحامي المشرف على تمرينك وكأن المرحوم المناضل أحمد بنجلون يثق بك ويأتمنك على بعض أسراره إلا أنه عندما اكتشف عدم مروءتك طردك من مكتبه لأنك لم تقدر الثقة التي وضعها فيك . كانت انشغالاته متعددة فقد كان قائد حزب ومدير جريدة، الأمر الذي يتطلب منه الغيابات المتكررة عن المكتب والذي يقتضي الثقة في من يشرف خلال غيابه على سير المكتب وضبط العلاقة بالموكلين . وكان المعول أن تعي حدودك ولا تتصرف فيما ليس لك فيه حق.

 

2)بمجرد خروجك من مكتب الفقيد أحمد بنجلون كشفت عن وجهك الحقيقي فغيبت المروءة وأظهرت جرأتك ومهارتك الخارقة في التناور الذي أوصلك إلى المكانة التي انت فيها الآن بعدما اغتنمت كل الفرص وسخرت كل منحط ومتخادل لتوهم نفسك وتوهم الناس بأنك بلغت سدة الزعامة في عهد لم يعد فيه الأتباع رعاعا خاضعين طيعين تسخرهم حسب هواك . لقد كنت أعتقد أنك ستترفع عن مثل هذه الحقارة وتتبع طريق رجال سوس الاشاوس مثل الشهيد إبراهيم التزنيتي والشهيد أحمد أكوليز الملقب بشيخ العرب والشهيد إبراهيم الروداني الذين رسموا الطريق لكل من آمن بحق هذا الشعب في العزة والكرامة .

 

لكنك سلكت الطريق الآخر الذي لا يتلاءم مع زملائك السابقين الذين علموك مهنة المحاماة ولقنوك مبادئها وقيمها وظلوا على درب من سبقهم من رموز المهنة وقد كان ذلك المحامي الألمعي المسمى قيد حياته المرحوم أحمد بنجلون يستشهد باستمرار بعنوان لكتاب محام ارتبط أسمه بمحاكمات كبار مقاومي الاستعمار الفرنسي رغم كونه هو أيضا فرنسيا لكن واجبه فرض عليه أن يكون إلى جانب المضطهدين فجمع مرافعاته ومواقفه في كتاب أختار له عنوان : ” العدالة وطن الأنسان”..ولأنك أصبحت بطريقتك الخاصة وكيلا على العدالة أو هكذا تصورت فقد حاولت أن تدبر القضاء ومساطره حسب هواك أو حسب هوى من يشير عليك .

 

ولما انتفض المحامون غير المطبعين هالك هذا الإجماع ضد مخططاتك ولم تضطعد ولم تعد إلى رشدك وأعتقدت أن في إمكانك ترجيح الكفة لصالحك علك تفرض اختياراتك على هيئة الدفاع التي لم تسمح لك بالتطاول على مبادئها وقيمها فحاولت القيام بضخ دم جديد داخل هذا الجسم الغير الطيع لتروضه بإدخال عناصر جديدة تكون بديلا لهذا الجسم العنيد أو على الأقل تحدث شرخا داخله لعلك تستطيع تطويعه أو على الأقل تفرض عليه أن يحاورك وهو في وضع أضعف من السائد والحالي .

 

ولتحقيق الهدف لجأت إلى تسخير فلدة كبدك الذي فضحته بين الأقران متباهيا بأداء كلفة دراسته خارج الوطن وابدعت مقولة جديدة تعوض قول رسول الأمة بادعائك: اطلبوا العلم ولو في كندا” فأسأت إلى الدين وإلى الوطن وإلى التحالف الحكومي الذي يفترض أنك أحد أركانه بتحقيرك للمدرسة العمومية والقيمين عليها، ولو كانت فيك ذرة حياء لما قمت باستعراض إمكانياتك المادية أمام من أفقرتهم حكومة الكفاءات التي أبرزت كفاءاتك الخارقة في التركيز على التفاهات لتبرز قدراتك الفائقة على تقصي أسرار الناس والاطلاع على خصوصياتهم إلى حد ضبط نوع ولون جواربهم وتفتقت عبقريتك لحل صراعك مع المحامين ، فقررت أن تبعدهم عن امتحان التأهيل لممارسة المهنة وكلفت الجهاز الذي تتحكم فيه بمهمة ليست من اختصاصه ولا اختصاصك فأشرف على هذا الامتحان مع توصياتك بإدخال عناصر مقربة منك لعل إدماج ابناءهم وأقربائهم يعطيك جيلا من المحامين الطيعين ونسيت أن دور المحامي هو البحث عن الحق والحقيقة وأن من تظن انهم سيكونون طوع يديك سيدركون ونجلك معهم بأن دور المحامي هو نصرة المظلومين وتطبيق القانون مع الرأفة بالجناة وأن الغاية من مهنة المحاماة ليست هي الكسب للتباهي بما يصرف على الأنجال عوض الصدع بكلمة الحق مهما كانت قسوة النتائج ولك فيمن سبقوك في المهنة نماذج كان الأحرى بك أن تقتدي بسلوكهم وقد رأيتهم، قبل أن يطالك الغرور، وهم يدافعون مقابل أتعاب بسيطة وفي كثير من الحالات تطوعا بل منهم من تعرض للإعتقال دون أن يتراجع أو أن يتنازل عن القيم الرفيعة التي يجب أن يتمسك بها كل من اختار مهنة لها أعرافها وقيمها وتقاليدها .